فعندها استوى معاوية على الملك، واستبد على بقية الشورى، وعلى جماعة المسلمين من الأنصار والمهاجرين في العام الذي سموه عام الجماعة وما كان عام جماعة، بل كان عام فرقة وقهر وجبرية وغلبة، والعام الذي تحلت فيه الإمامة ملكا كسرويا، والخلافة غصبا وقيصريا، ولم يعد ذلك أجمع الضلال والفسق.
ثم مازالت معاصيه من جنس ما حكينا، وعلى منازل ما رتبنا، حتى رد قضية رسول الله صلى الله عليه وسلم ردا مكشوفا، وجحد حكمه جحدا ظاهرا، في ولد الفراش وما يجب للعاهر، مع إجماع الأمة أن سمية لم تكن لأبي سفيان فراشا، وأنه إنما كان بها عاهرا؛ فخرج بذلك من حكم الفجار إلى حكم الكفار.
وليس قتل حجر بن عدي، وإطعام عمرو بن العاص خراج مصر، وبيعته يزيد الخليع، والاستئثار بالفئء، واختيار الولاة على الهوى، وتعطيل الحدود بالشفاعة والقرابة، من جنس جحد الأحكام المنصوصة، والشرائع المشهورة، والسنن المنصوبة.
وسواء في باب ما يستحق من الإكفار جحد الكتاب ورد السنة؛ إذ كانت السنة في شهرة الكتاب وظهوره، إلا أن أحدهما أعظم، وعقاب الآخرة عليه أشد.
Shafi 11