وقد جعل الله المولى بعد أن كان عجميا عربيا بولائه، كما جعل حليف قريش من العرب قرشيا بحلفه، وجعل إسماعيل، بعد أن كان أعجميا، عربيا. ولولا قول النبي صلى الله عليه وسلم إن إسماعيل كان عربيا ما كان عندنا إلا أعجميا؛ لأن الأعجم لا يصير عربيا، كما أن العربي لا يصير أعجميا. فإنما علمنا أن إسماعيل صيره الله عربيا بعد أن كان أعجميا بقول النبي صلى الله عليه وسلم، فكذلك حكم قوله: " مولى القوم منهم "، وقوله: " الولاء لحمة ".
قالوا: وقد جعل الله إبراهيم عليه السلام أبا لمن لم يلد كما جعله أبا لمن ولد، وجعل أزواج النبي أمهات المؤمنين ولم يلدن منهم أحدا، وجعل الجار والد من لم يلد، في قول غير هذا كثير قد أتينا عليه في موضعه.
وليس أدعى إلى الفساد ولا أجلب للشر من المفاخرة، وليس على ظهرها إلا فخور، إلا قليل.
وأي شيء أغيظ من أن يكون عبدك يزعم أنه أشرف منك وهو مقر أنه صار شريفا بعتقك إياه.
وقد كتبت - مد الله في عمرك - كتبا في مفاخرة قحطان، وفي تفضيل عدنان، وفي رد الموالي إلى مكانهم من الفضل والنقص، وإلى قدر ما جعل الله تعالى لهم بالعرب من الشرف. وأرجو أن يكون عدلا بينهم، وداعية إلى صلاحهم، ومنبهة لما عليهم ولهم.
وقد أردت أن أرسل بالجزء الأول إليك، ثم رأيت ألا يكون إلا بعد استئذانك واستئمارك، والانتهاء في ذلك إلى رغبتك.
فرأيك فيك موفقا، إن شاء الله عز وجل. وبه الثقة.
Shafi 22