139

Nabi Musa Wa Tall Camarna

النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة (الجزء الأول): موسوعة تاريخية جغرافية إثنية دينية

Nau'ikan

المشكلة هنا كما سبق وأشرنا، أن مد الخليج حتى بحيرة التمساح، كما يريد «دي بوا إيميه» إن كان حقيقة، فقد كان أمرا قديما قدم عصره الجيولوجي، ويؤكد لنا رفضنا لاحتساب الخليج كان يمتد بحجمه الهائل هذا حتى التمساح، أن الدراسات الحديثة بعد دي بوا إيميه بزمان، أعادت دراسة حوض القلزم، فوجدت تحت آثار البحر بأعماق أبعد، طبقات طمي نيلي وافرة، لا تشير إلى قناة صناعية كانت تربط النيل بالخليج، إنما إلى فرع نيلي حقيقي قديم، كان يعبر الحوض جميعه ليصب عند السويس الحالية، وفي ذلك يقول جمال حمدان إنه كان ضمن أفرع النيل «فرع ناقص أو متدهور نوعا، كان يخرج قبل الفرع البيلوزي، ويتجه شرقا ليتصل بالبحيرات، ليخترقها جنوبا نحو البحر الأحمر عند كليسما/السويس، ويبدو أن هذا الفرع كان يسير بوضوح في وادي طميلات الحالي.»

22

ثم يزيدنا إيضاحا بشأن هذا الفرع النيلي القلزمي، ضمن حديثه عن انقراض فروع الدلتا القديمة، حتى لم يبق منها سوى فرعي دمياط ورشيد، فيقول حمدان: «يبدو أن الانقراض قد بدأ من الشرق، حيث «الفرع الواهي الضعيف الطميلاتي القلزمي»، وبعده أتى دور البيلوزي أقصاهم شرقا، الذي ذكره الجميع إلا جورج القبرصي، مما يوحي أنه كان قد اختفى قبل القرن السابع الميلادي على الأقل، ويلي بعد هذا غربا التانيسي فالمنديسي.»

23

لكن العمق الذي تم فيه العثور على طمي ذلك الفرع القلزمي القديم، يشير إلى أنه كان في عصور قديمة، لكن آثاره هي التي أوعزت للفراعنة بشق القناة على ذات خطه القديم.

هنا تواجه نظرية دي بوا إيميه مشكلة كبرى، تسقطها تماما رغم عبقريتها؛ لأن وجود فرع نيلي قديم، يعني أن حوض القلزم كان كما حوضنا، وليس امتدادا للخليج، وأنه كما هو لأزمان بعيدة، وأن انفصال البحيرات هو أقدم من زمن ذلك الفرع النيلي المنقرض، ويعود إلى حقب موغلة في القدم، بدليل أن النيل هو الذي كان يسير في حوض القلزم وترك آثاره هناك، «ولم يكن الخليج ممتدا حتى التمساح، لكن هنا يبقى اللغز الكبير، فمن أين جاءت آثار البحر المالح، لتترك آثارها في الطبقات العليا الحديثة لحوض القلزم؟»

ثم يأتي هيرودت ليزيد الأمر اضطرابا، بقوله إن في المنطقة مناط الحديث، كان يوجد أقصر طريق بين البحر الأحمر وبين البحر الأبيض، وأن هذا الطريق (موضع قناة السويس حاليا)، هو الحد الفاصل بين البلاد المصرية والبلاد الفلسطينية (كانت سيناء تعد عند المؤرخين اليونان فلسطينية لسكناها بالبدو؛ ولذلك أسموا خليج السويس بالخليج العربي)، فيقول نصا: «وهناك يوجد أقصر طريق وأصغر، للذهاب من البحر الشمالي إلى البحر الجنوبي، وهذا نفسه يسمى بحر أروتري، من جبل كاسيوس والحد الفاصل بين مصر وسوريا.» لكن المثير للبلبلة في كلام هيرودت، وهو يتحدث عن خط جبل كاسيوس (الكسارون الآن عند الفرما) يقول: «إن القناة هناك تصبح أكثر تعرجا؟ وهكذا فالقناة هنا تتجه شمالا نحو الفرما، وليس جنوبا نحو السويس، وهي عند الفرما أو قربها تصبح أكثر تعرجا!».

ولمزيد من الاضطراب بشأن قناة سيزوستريس، ما جاء عند دي بوا إيميه وهو يتحدث عن الفراعنة في آخر عهودهم زمن البطالمة، عندما أراد أحد البطالمة إعادة حفر القناة، بعد أن عدت عليها الأيام والإهمال وسفي الرمال فطمرتها، فيقول: «بطلميوس حاول إعادة المشروع، لكن مهندسيه أكدوا أن «مستوى سطح البحر الأحمر، يرتفع بمقدار ثلاثة أذرع عن سطح مصر»، فخشى غرق المنطقة، أو أن يتلف ماء البحر مياه النهر، فأمر بإيقاف العمل بعد أن وصل إلى العيون (يقصد البحيرات [المؤلف]) المرة.»

24

والآن لنتوقف لنلتقط الأنفاس وسط هذا الرتل المختل، نحاول أن نحدد ما لدينا من معلومات عن قناة سيزوستريس: (1)

Shafi da ba'a sani ba