Nabi Musa Wa Tall Camarna
النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة (الجزء الأول): موسوعة تاريخية جغرافية إثنية دينية
Nau'ikan
الملك مصحوبا بالنعتين: شمس الأمراء وحاكم الحكام. فإذا كانت قنتير هي رعمسيس، فإنه لا بد من البحث عن حواريس في مكان آخر.»
13
ومن ثم اعتمد المهندس علي بك شافعي اكتشافات محمود حمزة، وسلم بأن قنتير هي رعمسيس، وأن فاقوس الحالية (وليس فاقوسة/سفط الحنة) هي فيثوم، ويرسم خريطة الخروج اعتمادا على دليل سفر حج الراهبة إيثيريا، لكنه يتغافل تماما عن المسافة التي ذكرتها تلك الراهبة بين فيثوم ورعمسيس؛ «لأن المسافة بين فاقوس وقنتير تصل إلى حوالي ضعف المسافة، التي ذكرتها إيثيريا بين فيثوم ورعمسيس».
وحتى لا نغمط دي بوا إيميه حقه، فإن الكشوف الأركيولوجية الحديثة، يمكنها دعم وجهة نظره بعد رحيله بزمن، في أن موقع تل المسخوطة كان هو مدينة رعمسيس، فقد جاء من بعده فرديناند دليسبس، ليعثر أثناء حفر قناة السويس في موقع المسخوطة على عدد من التماثيل والنصب، وأشكال لأبي هول صغير تعود إلى عهد رمسيس الثاني، وهي محفوظة الآن في متحف الإسماعيلية، كذلك تم العثور على ثالوث من الجرانيت الوردي لرعمسيس الثاني، جالسا بين الإلهين حورأختي وخبري، ولوحة أخرى من ذات المادة لرعمسيس الثاني، يقدم تمثال ماعت للإله حور أختي، ثم محراب من الجرانيت الأحمر لرعمسيس الثاني، وهو يحتفل بعيده الثلاثيني «حب سد»، وتمثالا لابي الهول من الجرانيت الأسود، من الدولة الوسطى سبق واغتصبه لنفسه أحد ملوك الهكسوس، ثم جاء رعمسيس الثاني فاغتصبه لنفسه ثانية ودون عليه اسمه، كما عثر على صقر يحمل طغراء الملك رعمسيس الثاني من الجرانيت الأسود.
والأهم أنه تم العثور على آثار واضحة، لسور ضخم من اللبن حول معبد كبير، وقد جاء في رواية التوراة: «فاستعبد المصريون بني إسرائيل بعنف، ومرروا حياتهم بعبودية قاسية في الطين واللبن» (خروج، 1: 13-14)، وحديث «الطوب اللبن» متكرر في سفر الخروج، كما في الإصحاح خمسة مثلا، وهو ما يرجح بدوره أن تكون المسخوطة هي رعمسيس التوراتية.
وهكذا كانت شخصية رعمسيس الثاني النرجسية المتضخمة، وعشقه للمعمار وانتشار هذا المعمار في مناطق واسعة، مدعاة لتعدد الاحتمالات حول موضع مدينة رعمسيس التوراتية، كلما وجد المنقبون اسم رعمسيس في موضع من المواضع؛ ومن ثم «نؤكد مرة أخرى أن الآثار وحدها، ليست بالقطع كافية وحدها، للفصل في مسألة أين تقع مدينة رعمسيس التوراتية؟!» وهو ما فعلته النظريات السوالف جميعا، وكان نقطة ضعفها الأساسية، حيث اعتمدت على الآثار والحفائر وحدها.
ومن أجل وضع تصور واضح أقرب إلى القبول، حول تلك المواضع التوراتية، والاتفاق مع ما لدينا من مصادر ومادة علمية هائلة، رغم تنافرها وتضاربها، علينا أن نعيد ترتيب ما بيدنا الآن من أوراق.
أولا:
أقام الهكسوس في مصر عاصمة لهم هناك، على الحدود الشرقية للدلتا، باسم يمكن نطقه متعددا بين لسان مصري وسامي ويوناني دون خلاف، هو «حوت وعرت، حوارة، هوارة، حواريس، أواريس - أفاريس، حويرة، حويلة»، وإن تلك المدينة كانت مقرا عسكريا ودينيا، وكان الإله المعتبر فيها هو إله الشر المصري سيت، أو كما نطقه الهكسوس «سوتخ» بتصريفه اسميا، وإنها بالتأكيد تقع إلى الشرق من الفرع البوباستي للنيل، حسبما جاءنا في مقبرة الضابط المصري أحمس بن أبانا، الذي حكى لنا قصة معارك التحرير، التي قادها الفرعون أحمس بن سقننرع.
شيد الفرعون رعمسيس الثاني مدينة باسمه، أو أعاد بناءها حيث كانت قائمة قبله، ويحتمل أن تكون هي ذات مدينة الهكسوس حوايس أو لا تكون، وإلى القرب منها حسب خط سير رحلة الراهبة إيثيريا بحوالي 4 أميال، أي حوالي ستة كيلومترات ونصف، تقع مدينة أخرى باسم فيثوم أو بي توم أو باتوموس.
Shafi da ba'a sani ba