Annabi Ibrahim da Tarihin da Ba a Sani Ba
النبي إبراهيم والتاريخ المجهول
Nau'ikan
ولما كان إبرام ابن تسع وتسعين سنة ظهر الرب لإبرام، وتكلم الله معه قائلا: أما أنا فهذا عهدي معك، وتكون أبا لجمهور من الأمم، وأثمرك كثيرا جدا وأجعلك أمما، وقال الله لإبراهيم: ساراي امرأتك لا تدع اسمها ساراي، بل اسمها سارة، وأباركها وأعطيك أيضا ابنا منها، سارة امرأتك تلد لك ابنا وتدعو اسمه إسحاق. وأقيم عهدي معه أبديا لنسله من بعده، وأجعله أمة كبيرة. وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه، ها أنا أباركه، وأجعله أمة كبيرة ... «ولكن عهدي أقيمه مع إسحاق الذي تلده لك سارة» ... وظهر الرب له عند بلوطات ممرا، وهو جالس في باب الخيمة وقت حر النهار، فرفع عينيه ونظر، وإذا «ثلاثة رجال» واقفين لديه، فأسرع إبراهيم إلى الخيمة، وقال لسارة: أسرعي بثلاث كيلات دقيقا سميدا، اعجني واصنعي خبز ملة، ثم ركض إبراهيم إلى البقر وأخذ عجلا رخصا وحيدا وأعطاه الغلام، فأسرع يعمله، ثم أخذ زبدا ولبنا والعجل الذي عمله، ووضعها قدامهم، وإذ كان واقفا لديهم تحت الشجرة «أكلوا»، وقالوا له: أين سارة امرأتك؟ فقال: ها هي في الخيمة، فقال: إني أرجع إليك نحو زمان الحيواة، ويكون لسارة امرأتك ابن ... «فضحكت» سارة في باطنها قائلة: أفبالحقيقة ألد وأنا قد شخت؟ هل يستحيل على الرب شيء؟ وكان إبراهيم ابن مائة سنة حين ولد له إسحاق ابنه، ورأت سارة ابن هاجر المصرية الذي ولدته لإبراهيم يمزح، فقالت لإبراهيم: اطرد هذه الجارية وابنها؛ لأن ابن هذه الجارية لا يرث مع ابني إسحاق، فبكر إبراهيم صباحا، وأخذ خبزا وقربة ماء وأعطاهما لهاجر، واضعا إياهما على كتفيها والولد وصرفهما، فمضت وتاهت في برية بئر سبع، ولما فرغ الماء من القربة، طرحت الولد تحت إحدى الأشجار، ورفعت صوتها وبكت، فسمع الله لصوت الغلام وفتح الله عينيها، فأبصرت بئر ماء، فذهبت وملأت القربة وسقت الغلام، وكان الله مع الغلام فكبر وسكن في البرية، وحدث من بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم فقال له: يا إبراهيم، فقال: ها أنا ذا، فقال: خذ ابنك «وحيدك» الذي تحبه إسحاق، واذهب إلى أرض المريا، وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك، فلما أتيا إلى الموضع الذي قال له الله، بنى هناك إبراهيم المذبح ورتب الحطب وربط إسحاق ابنه، ووضعه على المذبح فوق الحطب، ثم مد إبراهيم يده وأخذ السكين ليذبح ابنه، فناداه ملاك الرب من السماء، وقال: إبراهيم، إبراهيم، فقال: ها أنا ذا. فقال: لا تمد يدك إلى الغلام، ولا تفعل به شيئا؛ لأني قد علمت الآن أنك خائف من الله، فلم تمسك ابنك وحيدك عني، فرفع إبراهيم عينيه ونظر، وإذا كبش وراءه ممسكا في الغابة بقرنيه، فذهب إبراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة، عوضا عن ابنه، فدعا إبراهيم اسم ذلك المكان يهوه يرأه، حتى إنه يقال اليوم: في جبل الرب يرى.
تكوين 16، 17، 18، 21، 22
وهنا يحاول الداعية «ماير» أن يوعز لقارئيه بأن إنجاب إسماعيل من هاجر، كان عصيانا لأمر الله، وبالطبع ما يترتب على هذا المعنى من لفظ العقل الإيماني للنسل الإسماعيلي، ويضع غرضه في صيغة تساؤل يقول: «هل كان هناك ارتياح خفي لذلك التدبير، أن يدخل إبراهيم على هاجر ليرزق منها نسلا؟ الذي حقق غاية محبوبة على الأقل، «ولو أن الله لم يكن راضيا عنه»، هل كان يخشى أنه دعي ليقدم إسحاق ذبيحة، وجد ذلك أمرا هينا، إذ يستطيع أن يستعيض عنه بإسماعيل كوارث له؟» وهكذا فالمبشر «ماير» يريد القول أن النبي علم بمسألة التضحية مسبقا، فأراد التحايل على القدر الإلهي بإنجاب طفل من هاجر ليكون بديلا، بمعنى أن يضحي بابن الجارية؛ ليحيى ابن الحرة. والعجيب أن تجد مثل هذا المنطق لدى كاتب تترجم كتبه وتباع في مختلف الأنحاء، والعجب إنما في عدم اقتناعه الابتدائي بشأن إسماعيل، ثم إسقاط هذا الشعور على تفسير يجعل النبي يخدع هذه المرة ربه نفسه، بمحاولة تنفيذ القدر والهرب منه في آن معا، فينجب إسماعيل للذبح وإسحاق للوراثة، والقرار أو النية بذلك قد عقدت مسبقا قبل أن ينجب إبراهيم أيا منهما، وعليه فإن النبي جهز ابن الجارية للذبح فداء لابن الحرة، وهو منطق وفهم يمجه عرف أدنى الشعوب إلى الهمجية، فما بالنا والأمر مع النبي، ثم وما بالنا وصاحب المنطق والافتراض مبشر وداعية من بين أكثر المبشرين انتشارا وأطولهم باعا؟!
وإن مثل هذه المعاني تصبح واضحة عندما يبدأ المستر «ماير» في استخلاص العبر من القصة، وأن العظة هنا أنه يجب على المؤمن انتظار التوقيت الإلهي دون استعجال، ولا نفعل مثل إبراهيم عندما استعجل الوعد بالولد
6
فأغضب ربه، وكان محالا أن يرث الأرض الموعودة - في رأي التوراة ورأى المستر «ماير» - ولد يسري في عروقه دم مصري، فنقاء الدم العبري شرط أساسي وأول، لذلك يقول المستر «ماير»: «تسللت غيمة صغيرة قاتمة وسودت نفس سارة، فإن عينها الحاسدة أبصرت إسماعيل يمزح، وقد كان إلى عهد قريب هو الوارث الوحيد لكل المحلة، وتحت ستار الهزل والمزاح هزأ بإسحاق بطريقة كشفت عن مرارة نفسه، التي لم يكن من السهل أن يخبئها، وهذا حرك كل غيرة سارة الكامنة في نفسها، التي لم تطق إخفاءها، لماذا وهي السيدة وهي ربة البيت وهي «أم الوارث الشرعي»، تحتمل الإهانات من عبد؛ لذلك قالت لإبراهيم بتهكم: اطرد هذه الجارية وابنها، لأن ابن هذه الجارية لا يرث مع ابني إسحاق، على أنه لا يزال هناك معنى أعمق، «أن هاجر الجارية تمثل روح العبودية»، وروح التمسك بحرفية الناموس وطقوسه، الذي يحاول أن يربح هذه الحياة. ترمز هاجر إلى عهد جبل سيناء في بلاد العرب، «أما سارة الحرة فإنها ترمز إلى عهد جبل النعمة المجانية»، وأبناؤها هم أبناء الإيمان والرعاء والمحبة، أيها القارئ العزيز ... «ثق في المسيح واقبل خلاصه، واطرد الجارية وابنها»، عش حياة الحرية والسعادة كإسحاق «ولا تعش حياة إسماعيل».»
7
أما أي قارئ متعقل فإنه سيلمس مباشرة وضوح التوراة إلى حد السذاجة في محاولة سحب البساط من تحت النسل الإسماعيلي؛ لتكون أرض كنعان خالصة لبني إسرائيل أحفاد إسحاق أخي إسماعيل، بمبررات مثل: غيرة النساء، وصراع الميراث والبنوة للأمة، أم للحرة، وخضوع الرب التوراتي ونبيه لمثل هذه الترهات.
وهكذا لم يورد كاتب هذا الجزء من التوراة أية إشارة لجزيرة العرب. وفي ذات الوقت تعمد إهدار وضع إسماعيل لكونه ليس خالص العبرية، وشابت دمه المصرية، لكن ما لا يفوت باحثا مدققا، أن هذه الأحداث جميعا قد تتالت بعد خروج النبي إبراهيم من مصر على طريق غزة (طريق جرار)، وأنه عندما خرج من مصر حسب الرواية التوراتية يمم نحو الجنوب، ولا جنوب في هذه الحال إلا جزيرة العرب، هذا إضافة إلى أن إبراهيم قد بدل اسمه من «إبرام» إلى «إبراهيم»، وبدل اسم زوجته من «ساراي» إلى «سارة» مما يشير إلى سكنى إبراهيم وزوجته بعض الوقت بين قوم لحنوا في اسمه واسم زوجته، فتغير نطقه في لسانهم من إبرام إلى إبراهيم، ومن ساراي إلى سارة.
هذا ناهيك عن قصة تضحية الأرض وفداء الدم، الذي اعتاد رب التوراة طلبه مقابل أعطياته، وعطاؤه هنا هو أرض كنعان، والعجيب في أمر التوراة إشارتها إلى أن الابن المضحى به كان هو إسحاق، والتوراة بذلك تخالف شرعتها التي استنتها هي في التضحية بالبكر، ثم زيادة في تأكيد إسحاق للتضحية، فإنها لم تر بأسا في تكرار أن إسحاق هو وحيد إبرام، وهكذا ألغت إسماعيل من التاريخ العبراني (ولوجه الحق فإننا من جانبنا نرى التوراة حسنا قد فعلت)، وواضح أن التوراة قد استبعدت إسماعيل؛ لأن دمه ليس عبرانيا خالصا، لأنه قد شابه الدم المصري، وهو كما تعلمنا الكتب الإخبارية، ذلك الدم الذي ساد العرب بعد ذلك الزمن بزمان.
Shafi da ba'a sani ba