Annabi Ibrahim da Tarihin da Ba a Sani Ba
النبي إبراهيم والتاريخ المجهول
Nau'ikan
وآخر أدلتنا على الأصل الخوري أو الحوري أو الآرامي للقبائل الإبراهيمية، وأنها كانت عناصر وافدة على المنطقة، يضطرنا إلى وقفة سريعة عجلى مع النبي موسى التوراتي وإلهه «يهوه» المنطوق عبريا «جاهوفاه، بتعطيش الجيم وبفاء مثلثة التنقيط» وقد قصدنا التعبير «موسى التوراتي» قصدا، لتمييزه عن النبي موسى عليه السلام كما يعرفه المسلمون.
ومن المعلوم أن موسى التوراتي قد نشأ في كنف فرعون مصر وربا في بلاطه، لكنه تورط في جريمة قتل، قتل فيها مصريا انتصارا لواحد من بني جلدته، فهرب من البلاد خوف القصاص ونزل البلاد الموسومة في التوراة بالاسم «مديان»، وقد حددها أهل التوراة في سيناء مع امتداد إلى الشرق شمالي جزيرة العرب، وسار الآخرون خلفهم وتم تسجيلها على الخرائط على هذا الأساس، لكن مع البحث والتقصي فإننا لا نجد في نصوص مصر القديمة ما يشير إلى بلاد في سيناء، أو على الحدود الشرقية لمصر تعرف باسم «مديان»، والمفترض أن مصر تعرف حدودها جيدا. نعم هذه النصوص تتحدث عن بلاد باسم «ميتان» أو بالقلب «متيان»، لكن هذه البلاد تقع في أقصى حدود الإمبراطورية المصرية شمالا، وليست على الحدود السينائية، بمعنى أن «متيان» هذه تقع وفق النصوص المصرية فوق الحزام الشمالي لبلاد الشام الخاضعة آنذاك للحكم المصري.
ومن هنا ذهب بي الظن إلى أن «ميتان» أو «ميتاني» التي ذكرتها النصوص المصرية، ربما كانت هي «مديان» في قصة موسى التوراتي، خاصة إذا ما تذكرنا أن اللسان المصري الرقيق كان يقلب حرف «د» إلى «ت»، فلماذا لا تكون «ميتان» باللسان المصري هي «مديان» باللسان العبري؟
وربما يعضد ذلك أن مصر آنذاك كانت قد طوت تحت جناحها الأيمن كل بلاد الشام حتى الفرات شرقا، أما آخر حدودها الشمالية فكان هو بلاد «ميتان» والتي كانت عثرة على الحدود الشمالية، فكانت تبدي الخضوع لمصر وتصطنع لها الود، لكنها كثيرا ما لعبت دورا رديئا في مساعدة الثورات الإقليمية، التي كانت تنشب هناك، وما كان ممكنا لهارب من العدالة أن يظل داخل أي أرض مصرية، ومن ثم كان الهروب المناسب هو إلى بلاد ميتان أو مديان، أما أهم ما في هذه الجزئية فهو أن بلاد مديان هذه إنما كانت جزءا من بلاد الحور، وضمن الحزام الشمالي الذي سبق وجاء منه أجداد موسى التوراتي في زعمنا.
وتقول التوراة في قصة الخلق: إن أصل البشرية خرج من مكان على الأرض يدعى جنة عدن، وأن من هذا المكان تنبع أنهار أربعة هي: دجلة والفرات وفيشون وجيحون، وأن من النسل الذي عاش في جنة عدن، جاء بنو عابر الشعب المختار، أو بالنص التوراتي:
وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقا ... وكان نهر يخرج من عدن ليسقي الجنة. ومن هناك ينقسم فيصير أربعة رءوس، اسم الواحد فيشون وهو المحيط بجميع أرض الحويلة حيث الذهب، وذهب تلك الأرض جيد، هناك المقل وحجر الجزع، واسم النهر الثاني جيحون، وهو المحيط بجميع أرض كوش، واسم النهر الثالث حداقل وهو الجاري شرقي آشور والنهر الرابع الفرات.
تكوين 2: 8-14
وبالبحث فإنك لا يمكنك العثور في المنطقة على موضع تنبع منه أنهار أربعة، سوى قمم أرمينيا، وهو ما افترضناه موطنا أصليا للعشيرة الإبراهيمية، ومن هذه القمم ينبع نهرا دجلة والفرات، ويستديران غربا فجنوبا إلى أن يصبا في الخليج العربي، ومن ذات القمم ينبع نهرا «كورا» و«أراكس» ليصبا في بحر قزوين، ولعل قصة التوراة في حديثها عن خروج أبي البشر من جنة عدن، إنما كانت تردد قصة خروج آبائهم هم من منطقة منابع الأنهار الأربعة، لتستوطن جنوبا، لأسباب ما زالت تحتاج بحثا وتقصيا جلدا، وربما كان المأثور الذي ذكره المسعودي عن الرجف والزلازل وتحزيب الأحزاب، مؤشرا للطريق الواجب اتباعه.
ولعل موسى التوراتي، عندما فر إلى تلك البلاد استعاد هناك أطياف الجدود والجلدة، وتعرف على إلهه «جاهوفاه» وعاد يخبر أهله في مصر بأن «جاهوفاه» يطلب خروجهم من مصر، إلى أرض تصفها التوراة دوما بالقول: «أرض اللبن والعسل» و«جنة الرب». وعليه فإن موسى كان يقصد تماما بلاد أرابخيتيس «الحورية»، ولم يزل مأثورنا الشعبي يتحدث عن الحوريات ونساء الحور، وأما الجنة ففيها أجمل النساء «الحوريات»! وفي الأحاديث النبوية عن مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : «سيحان وجيحان والنيل والفرات من أنهار الجنة.» وقال كعب: نهر دجلة نهر بالجنة،
Shafi da ba'a sani ba