وقد قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ البيع النيسابوري وهو أحد المعتبرين في معرفة أقسام الحديث ورجاله:
الصحيح على عشرة أقسام، خمسة منها متفق عليها وخمسة منها مختلف فيها، قلت: ولم يحتو كتاب الشيخين إلا على القسم الأول منها. وأحاديث المصابيح على ما تبين لنا لا تتجاوز عن كتب هؤلاء الأئمة أبي عبد الله البخاري، وأبي الحسين القشيري وأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، وأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي، وأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، وأبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي السمرقندي، وأبي عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني ﵏.
قوله: (وأكثرها صحاح إذا كثر [......] ثبوتها بطريق حسن) معنى هذا الكلام أن أحاديث كتاب المصابيح ملتقطة [... ذكر الأحكام] التي تقدم ذكرها والأحكام إنما تثبت بأسانيد/ مقبولة عن رجال مرضيين، وبيان ذلك أن كتب الحديث مخرجة لا على الأبواب وإنما على التراجم فما كان منها على تراجم الرجال فإن المؤلف يذكر فيها الغث والسمين؛ لأنه إذا قال مسند أبي بن كعب- ﵁ يذكر سائر ما انتهى إليه مسندا عن طرق رواة أبي صحيحا كان أم سقيما حتى يأتي على جميعه عن المعدلين والمجروحين وما كان على الأبواب فإنه يذكر باب الطهارة ويأتي فيه من الأحاديث بما يصلح للاستدلال به.
فإن قيل: إنا نجد في كتب الأحكام من الأحاديث ما يشهد عليه جامع الكتاب بالضعف فإن المؤلف لا يذكر في مؤلفه حديثا ضعيفا عنده في الأحكام إلا وقد علم أن لغيره فيه متمسكا على حسب المعرفة به والاجتهاد فيه ألا ترى أن المراسيل لا تكون حجة عند كثير من العلماء وعند بعضهم يلزم العمل بها ثم إن أكثر مباني هذا القول على الجرح والتعديل وكلاهما مختلف فيه بين الأئمة فربما يكون ضعيفا عنده قويا عند غيره.
قوله: (وما كان فيها من ضعيف أو غريب أشرت إليه) فأما الغريب ما يتفرد به ثقة من الثقات ولا يكون له طرق مخرجة في الكتب وهو نوع من أنواع الصحاح دون النوع الذي يشتمل عليه كتاب البخاري ومسلم.
وأما الضعيف فإنه يوجد من وجوه فتارة يكون لضعف بعض الرواة من المردودين بنوع من أنواع الجرح على ما يذهب إليه المجتهد من عدم العدالة أو الرواية عمن لم يره، أو سوء الحفظ أو تهمة في العقيدة أو عدم المعرفة بما يحدث به أو الإسناد إلى من لا يعرف في الرواة/ وتارة لعلل أخر مثل الإرسال والانقطاع والتدليس ونحوها. والإرسال: أن يذكر رواية التابعي عن
1 / 34