قيل: المجاز في مثل هذا لا يكون؛ لأن الشيء الذي تكتمه وتطويه إنما أنت خازنٌ له وحافظٌ؛ فهو ضد للشيء الذي تزيله وتبطله، والأضداد لا يتسعمل أحدها في موضع الآخر على سبيل المجاز.
٤٣ - ومن خطائه قوله في وصف فرس:
وبشعلةٍ نبذٍ كأن فليلها ... في صهوتيه بدء شيب المفرق
قوله: " فليلها " يريد ما تفرق منها في صهوتيه، والصهوة: موضع اللبد، وهو مقعد الفارس من الفرس، وذلك الموضع أبدًا ينحت شعره لغمز السرج إياه فينبت أبيض؛ لأن الجلد ههنا يرق، وأنت تراه في الخيل كلها على اختلاف شياتها، وليس بالبياض المحمود ولا الحسن ولا الجميل؛ فهذا خطأ من هذا الوجه.
وهو خطأ من وجه آخر، وهو أن جعله شعلى، والشعلة لا تكون إلا في الناصية أو الذنب، وهو أن يبيض عرضها وناحية منها، فيقال: فرس أشعل وشعلاء، وذلك عيبٌ من عيوب الخيل، فإن كان ظهر الفرس أبيض خلقةً فهو أرحل، ولا يقال أشعل.
وقد أخذ البحتري قوله " بدء شيب المفرق " فجاء به حسنًا جدًا، ثم ما سلم أيضا من العيب، فقال: