والعمر يقصر عن هجر، وعن صلة، ... وعن تَجَنٍّ، وعتبٍ يورث السَّقما
فترك مصارمة الخلان، والتجاوز عن هفوات الإخوان، والاستكثار من الأخلاء، ورفض معاندة الأعداء، أولى بأهل الأدب، وذوي المروءة والأرب، وأهل الفضل والحسب.
وقد حكى الأصمعي قال: سمعت أعرابيًا يقول لأخ له: أي أخي إن الصديق يحول بالجفاء، وإني أراك رطب اللسان من عيوب أصدقائك، فلا تزدهم في أعدائك.
وقال عبد الله بن الحسن بن علي لابنه، ﵁: إياك وعداوة الرجال، فإنها لن تعدمك مكر حليم، أو مفاجأة لئيم.
وروي أن سليمان بن داود قال لابنه: يا بني لا تستكثر أن يكون لك ألف صديق، ولا تستقل أن يكون لك عدو واحد.
وروي أن علي بن أبي طالب ﵇ قال:
وأكثر من الإخوان ما اسطعت إنهم ... عماد، إذا استنجدتهم، وظهور
وليس كثيرًا ألف خلٍّ وصاحب، ... وإن عدوًا واحدًا لكثير
وليس شيء أسر إلى ذي اللب، ولا أحسن موقعًا في القلب، من محادثة العقلاء، ومجالسة الأدباء. فإن ذلك مما تفتق به الأذهان، وينفسح به الجنان، ويزيد في اللب، ويحيا به القلب، كما قال بعض الشعراء:
وما بقيت من اللذات إلا ... محادثة الرجال ذوي العقول
وقد كنا نعدهم قليلًا، ... فقد صاروا أقل من القليل
وقيل للحرقة ابنة النعمان: ما كانت لذة أبيك؟ فقالت: إدمان الشراب، ومجالسة الرجال.
1 / 19
مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
البيان عن حدود الأدب
ما يجب على الأدباء من الفحص والطلب
النهي عن ممازحة الأخلاء
والنهي عن مفاكهة الأوداء
الأمر باختيار الإخوان
وانتخاب الأقران والأخدان
الحث على صحبة الإخوان
والإغراء على مودة الخلان والرغبة في أهل الصلاح والإيمان