Muwafaqat
الموافقات
Editsa
أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان
Mai Buga Littafi
دار ابن عفان
Bugun
الأولى
Shekarar Bugawa
1417 AH
وَلَا عِرَاقِيٌّ، وَلَا شَامِيٌّ؛ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا، وَسَخَاوَةُ النَّفْسِ، وَالنَّصِيحَةُ لِلْخَلْقِ".
قَالَ الْقُشَيْرِيُّ١: يَعْنِي: أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا يَقُولُ أَحَدٌ: إِنَّهَا غَيْرُ مَحْمُودَةٍ.
وَالْأَدِلَّةُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى هَذَا لَا تَكَادُ تَنْحَصِرُ، وَالزُّهْدُ حَقِيقَةً إِنَّمَا هُوَ فِي الْحَلَالِ، أَمَّا الْحَرَامُ؛ فَالزُّهْدُ فِيهِ لَازِمٌ مِنْ أَمْرِ الْإِسْلَامِ، عَامٌّ فِي أَهْلِ الْإِيمَانِ، لَيْسَ مِمَّا يَتَجَارَى فِيهِ خَوَاصُّ الْمُؤْمِنِينَ مُقْتَصِرِينَ عَلَيْهِ فَقَطُّ، وَإِنَّمَا تَجَارَوْا فِيمَا صَارُوا بِهِ مِنَ الْخَوَاصِّ، وَهُوَ الزُّهْدُ فِي الْمُبَاحِ، فَأَمَّا الْمَكْرُوهُ؛ فَذُو طَرَفَيْنِ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا؛ فَمُحَالٌ عَادَةً أَنْ يَتَجَارَوْا فِيهِ هَذِهِ الْمُجَارَاةَ وَهُوَ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَمُحَالٌ أَنْ يُمدح شَرْعًا مَعَ اسْتِوَاءِ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ.
وَالْجَوَابُ مِنْ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا:
أَنَّ الزُّهْدَ -فِي الشَّرْعِ٢- مَخْصُوصٌ بِمَا طُلب تَرْكُهُ حَسْبَمَا يَظْهَرُ مِنَ الشَّرِيعَةِ؛ فَالْمُبَاحُ فِي نَفْسِهِ خَارِجٌ عَنْ ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَدِلَّةِ، فَإِذَا أَطْلَقَ بَعْضُ الْمُعَبِّرِينَ لَفْظَ الزُّهْدِ عَلَى تَرْكِ الْحَلَالِ؛ فَعَلَى جِهَةِ الْمَجَازِ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا يَفُوتُ مِنَ الْخَيْرَاتِ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ.
وَالثَّانِي:
أَنَّ أزهد البشر ﷺ لَمْ يَتْرُكِ الطَّيِّبَاتِ جُمْلَةً إِذَا وَجَدَهَا، وَكَذَلِكَ مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ، مَعَ تَحَقُّقِهِمْ فِي مَقَامِ الزُّهْدِ.
وَالثَّالِثُ:
أَنَّ تَرْكَ الْمُبَاحَاتِ [من حيث إنه مباح] ٣؛ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِقَصْدٍ أَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ، فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ قَصْدٍ؛ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ، بَلْ هُوَ غَفْلَةٌ لَا يُقَالُ فِيهِ: "مُبَاحٌ"، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: "زُهْدٌ"، وَإِنْ كان تركه بقصد؛ فإما أن يكون
١ في "الرسالة" "ص٥٧"، وأورد فيها مقولتي الفضيل والكتاني السابقتين.
٢ انظر تعريفه في "مجموع فتاوى ابن تيمية" "١٠/ ٦١٦-٦١٩، ١١/ ٢٨، ٢٠/ ١٤٢".
٣ زيادة من الأصل فقط.
1 / 193