221

Muwafaqat

الموافقات

Bincike

أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان

Mai Buga Littafi

دار ابن عفان

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

وَكَلَامُنَا مِنْ ذَلِكَ فِيمَا يَفْتَقِرُ إِلَى نَظَرٍ وَتَبَصُّرٍ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ مُعَلِّمٍ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ النَّاسُ قَدِ اخْتَلَفُوا: هَلْ يُمْكِنُ حُصُولُ الْعِلْمِ دُونَ مُعَلِّمٍ أَمْ لَا؟ فَالْإِمْكَانُ مُسَلَّمٌ، ولكن الواقع في مجاري العادات أن لا بد مِنَ الْمُعَلِّمِ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ التَّفَاصِيلِ؛ كَاخْتِلَافِ جُمْهُورِ الْأُمَّةِ وَالْإِمَامِيَّةِ -وَهُمُ الَّذِينَ يَشْتَرِطُونَ الْمَعْصُومَ- وَالْحَقُّ مَعَ السَّوَادِ الْأَعْظَمِ الَّذِي لَا يَشْتَرِطُ الْعِصْمَةَ، مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالْأَنْبِيَاءِ ﵈، وَمَعَ ذَلِكَ؛ فَهُمْ مُقِرُّونَ بِافْتِقَارِ الْجَاهِلِ إِلَى الْمُعَلِّمِ، عِلْمًا كَانَ الْمُعَلَّمُ أَوْ عَمَلًا، وَاتِّفَاقُ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ فِي الْوُقُوعِ، وَجَرَيَانُ الْعَادَةِ بِهِ كافٍ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَقَدْ قَالُوا: "إِنَّ الْعِلْمَ كَانَ فِي صُدُورِ الرِّجَالِ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى الْكُتُبِ، وَصَارَتْ مَفَاتِحُهُ بِأَيْدِي الرِّجَالِ". وَهَذَا الْكَلَامُ يَقْضِي بِأَنْ لَا بُدَّ فِي تَحْصِيلِهِ مِنَ الرِّجَالِ؛ إِذْ لَيْسَ وَرَاءَ هَاتَيْنِ الْمَرْتَبَتَيْنِ مَرْمًى عِنْدَهُمْ، وَأَصْلُ هَذَا فِي الصَّحِيحِ: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُهُ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ" ١ الْحَدِيثَ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ فَالرِّجَالُ هُمْ مَفَاتِحُهُ بِلَا شَكٍّ. فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا؛ فَلَا يُؤْخَذُ إِلَّا مِمَّنْ تَحَقَّقَ بِهِ، وَهَذَا أَيْضًا وَاضِحٌ فِي نَفْسِهِ، وَهُوَ أَيْضًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُقَلَاءِ؛ إِذْ مِنْ شُرُوطِهِمْ فِي الْعَالِمِ بَأَيِّ عِلْمٍ اتَّفَقَ؛ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِأُصُولِهِ وَمَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ ذَلِكَ الْعِلْمُ، قَادِرًا عَلَى التَّعْبِيرِ عَنْ مَقْصُودِهِ فِيهِ، عَارِفًا بِمَا يَلْزَمُ عَنْهُ، قَائِمًا عَلَى دَفْعِ الشُّبَهِ الْوَارِدَةِ عَلَيْهِ فِيهِ، فَإِذَا نَظَرْنَا إِلَى مَا اشْتَرَطُوهُ، وَعَرَضْنَا أَئِمَّةَ السَّلَفِ الصَّالِحِ فِي الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ؛ وَجَدْنَاهُمْ قَدِ اتَّصَفُوا بِهَا عَلَى الْكَمَالِ. غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ السَّلَامَةُ عَنِ الْخَطَأِ أَلْبَتَّةَ؛ لِأَنَّ فروع كل علم إذا انتشرت

١ مضى تخريجه "ص٩٧"، وهو في "الصحيحين".

1 / 140