216

Muwafaqat

الموافقات

Bincike

أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان

Mai Buga Littafi

دار ابن عفان

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلَيْسَ الْقِيَاسُ١ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الْعُقُولِ مَحْضًا، وَإِنَّمَا تَصَرَّفَتْ فِيهِ مِنْ تَحْتِ نَظَرِ الْأَدِلَّةِ، وَعَلَى حَسَبِ مَا أَعْطَتْهُ مِنْ إِطْلَاقٍ أَوْ تَقْيِيدٍ، وَهَذَا مُبَيَّنٌ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِ الْقِيَاسِ، فَإِنَّا إِذَا دَلَّنَا الشَّرْعُ عَلَى أَنَّ إِلْحَاقَ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ بِالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ مُعْتَبَرٌ، وَأَنَّهُ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي قَصَدَهَا الشَّارِعُ، وَأَمَرَ بِهَا، وَنَبَّهَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى الْعَمَلِ بِهَا؛ فَأَيْنَ اسْتِقْلَالُ الْعَقْلِ بِذَلِكَ؟ بَلْ هُوَ مهتدٍ فِيهِ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، يَجْرِي بِمِقْدَارِ مَا أَجْرَتْهُ، وَيَقِفُ حَيْثُ وَقَفَتْهُ. وَأَمَّا الثَّانِي: فَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ٢ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّ الْأَدِلَّةَ الْمُنْفَصِلَةَ لَا تُخَصَّصُ٣، وَإِنْ سُلِّمَ أَنَّهَا تُخَصَّصُ؛ فَلَيْسَ مَعْنَى تَخْصِيصِهَا أَنَّهَا تَتَصَرَّفُ فِي اللَّفْظِ الْمَقْصُودِ بِهِ ظَاهِرُهُ، بَلْ هِيَ مُبَيِّنَةٌ أَنَّ الظَّاهِرَ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي الْخِطَابِ، بِأَدِلَّةٍ شَرْعِيَّةٍ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ؛ فالعقل مثله، فَقَوْلُهُ: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢٨٤] خَصَّصَهُ الْعَقْلُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يُرَدْ فِي الْعُمُومِ دُخُولُ ذَاتِ الْبَارِئِ وَصِفَاتِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُحَالٌ٤، بَلِ الْمُرَادُ جَمِيعُ مَا عَدَا ذَلِكَ؛ فلم

١ تأمل لتأخذ جواب أصل الإشكال الأول؛ لأنه أوسع من إنكار القياس الذي تصدى للجواب عنه صراحة، أي؛ فالعقل تابع للأدلة وخادم لها، وهو ما ندعيه. "د". ٢ انظر: "٤/ ٤٤". ٣ ادعى المصنف فيما يأتي أن الشارع نقل ألفاظ العموم عن مدلولاتها اللغوية إلى معانٍ أخر، وصار له في هذه العمومات عرف يخالف عرف اللغة؛ فيكون العام الذي يراه الأصوليون مخصوصا بمنفصل مستعملا عنده في المراد منه فقط، وبهذا يخرج عن العام الذي دخله التخصيص، وستطلع إن شاء الله تعالى على ما يطعن في هذه الدعوى. "خ". ٤ ودل الاستقراء للشريعة على أنها لا تصادم العقل بقلب الحقائق، وجعل المحال جائزا أو واجبا، وبذلك يكون العقل آخذا تصرفه في التخصيص من النقل وتحت نظره، أما مجرد قياس العقل على الأدلة الشرعية بدون هذه المقدمة؛ فإنه تسليم للإشكال، ونقض للأصل الذي أصله في المسألة؛ فتأمل. "د".

1 / 133