ثانيا: أنا لا نسلم لكم ورود الاحتمال الذي ذكرتموه على دليلنا فإنا وإن قلنا: إن الخبر يحتمل الصدق والكذب، فإنما نعني بذلك الخبر المجرد بدون نظر إلى أمر آخر من متكلم أو أمر خارجي.
فأما بالنظر إلى غيره فقد يكون مقطوعا بصدقه كما إذا قال لك شخص: أنت موجود، أو: هذه سماء، أو أرض؛ فهذا لا يجوز فيه الكذب، بل هو مقطوع بصدقه.
وقد يكون مقطوعا بكذبه كما إذا قال لك شخص: أنت معدوم، أو الأرض فوقنا، فإنه يقطع بكذبه وإن كان كلامه خبرا فهو غير محتمل هنا.
وما نحن فيه من المقطوع بصدقه، وذلك لأن الخبر من الله تعالى، والله يستحيل عليه الكذب لأنه قبيح والله لا يفعل القبيح.
فلو قال الله للرسول: أنت صادق، كان قوله صدقا قطعا؛ فكذا ما كان في معناه، وهو المعجزة، فعرفت أنه لا ورود لهذا الاحتمال على مذهبنا.
وأما ابن الحاجب: فإنه أجاب على هذا الإشكال بأن قال: إنما قلنا إن المعجزة تدل على صدق نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وإن كان يجوز على الله أن ينصب معجزة على يد كاذب لأن الله قد أجرى العادة بأن لا ينصب المعجزة إلا على يد الصادق.
قلنا جوابا على ذلك أي ما أورده ابن الحاجب :
Shafi 17