والكتاب الذي نقدمه الآن للقراء هو حكاية التقريب على طريقة تنازل أحد الفريقين عن أصوله فإن مجتهدي الشيعة من الإيرانيين وعلماء النجف اجتمعوا في يوم الخميس ٢٥ شوال سنة ١١٥٦ بمحضر من علماء أهل السنة والجماعة في اردلان والأفغان وما وراء النهر (بخارى وما إليها) برئاسة علامة العراق السيد عبد الله السويدي كاتب هذه الواقعة في كتابنا هذا، وكان اجتماعهم تحت المسقف الذي وراء الضريح المنسوب إلى الإمام علي - كرّم الله وجهه ـ، واجتمع للاستماع لما يقع في هذا المؤتمر خلائق لا يحصر عددهم إلا الله من العجم والعرب والتركستان ممن يتألف منهم جيش نادر شاه ومن سكان هذه الجهات، وكان نادر شاه - وهو أعظم ملوك إيران في العصور الأخيرة - يراقب أعمال المؤتمر. فقرر علماء الشيعة ومجتهدوهم جميعا بلا استثناء - وعلى رأسهم عظيمهم الديني الملا باشي - أنهم ينزلون على مذهب أهل السنة في الصحابة، ويرفعون كل محدثات الخبيث الشاه إسماعيل الصفوي، ويعترفون بأن اتفاق الصحابة عند وفاة النبي ﷺ إنما كان على أفضلهم وأخيرهم وأعلمهم أبي بكر الصديق، وأن الإمام عليا بايعه كما بايع سائر الصحابة، وإجماعهم حجة قطعية. ثم عهد أبو بكر لعمر فبايعه الصحابة والإمام علي معهم، ثم اتفق رأيهم على عثمان، ووليها بعده علي، وأن فضلهم وخلافتهم على ذلك الترتيب فمن سب أو قال خلاف ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وقد وضعوا جميعا أختامهم على المحضر الرسمي لهذا المؤتمر.
فهذا العمل الذي قام به مجتهدو الشيعة وعلماؤهم سنة ١١٥٦ في محضر عام يصح أن يسمى (تقريبا) لأنه أزال (المكفرات) التي كان يفترق بها
1 / 9