Mutalacat Fi Harshe Da Adabi
مطالعات في اللغة والأدب
Nau'ikan
قلت لبواب لديه دارها
تئذن فإني حمها وجارها
وقرئ
يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ،
وإياك نستعين
بكسر حرف المضارعة في الجميع، ولا يزال حرف المضارعة يكسر في «إخال» على لغة طيئ. •••
ويقسم الفعل المضارع باعتبار آخره إلى ثلاثة أقسام: الأفعال الأربعة: وهي الأفعال المجردة عن علامة في الآخر؛ وهي «يفعل، وتفعل، وأفعل، ونفعل»، والأفعال الخمسة: وهي الأفعال التي تلحقها الألف والواو والياء مع نون الإعراب؛ وهي: «يفعلان ، تفعلان، يفعلون، تفعلون، تفعلين»، والفعلان وهما اللذان تلحقهما نون الإناث، وهما: «يفعلن، وتفعلن»، وكلها معربة إلا الفعلين، وقد اختلف في أسباب إعرابها مما لا حاجة إلى ذكره، والحقيقة أن الإعراب لم يقع في الفعل المضارع إلا عن تلاعب اللسان، فكان العرب يرفعونه وينصبونه ويجزمونه اتفاقا، ثم جعلوا يرفعونه في مواضع مخصوصة، وينصبونه أو يجزمونه في مواضع أخرى، والفرق بينه وبين الاسم في الإعراب أن الاسم يخفض وأما الفعل فيجزم، فلماذا جزم بدلا من الخفض؟! جزم بقصد التأكيد، ولذلك جزم في الطلب، نحو: «ليذهب، ولا تذهب»؛ لأن الجزم أنسب للطلب وأدل على التأكيد، وإنما جزم في النفي ب«لم» و«لما» مع أنه غير طلبي فلتأكيد النفي، ف «لم يضرب» أدل على التأكيد من «ما ضرب»؛ ولذلك سمي السكون في «ليذهب» و«لا تذهب» و«لم يذهب» جزما أي قطعا، فالسكون على الطاء في «أطلب» سكون، وعلى الباء سكون وجزم، وبعبارة أخرى إن السكون لفظي - أي إبطال الحركة - والجزم معنوي أي تأكيد، ثم إن الجزم قد يكون بغير سكون كالجزم في الأفعال الخمسة والأفعال الناقصة؛ لأن حذف النون من الأفعال الخمسة واستبدال الحركة الطويلة بحركة قصيرة في الأفعال الناقصة، تقصير للكلمة، والتقصير يناسب الجزم والتأكيد، ومن هنا يظهر أن للجزم سببا معقولا لا نجده في الرفع أو النصب، والله أعلم.
الأمر
لم يكن في اللغة العربية صيغة خاصة للأمر؛ بل كنا نستعمل المصدر للأمر، كما لا نزال نستعمله إلى الآن، مثل: صبرا، رفقا ... والمصدر المستعمل أمرا لا يصرف مع الضمائر؛ بل يستعمل للجميع على السواء؛ لأن الفاعل يعرف من توجيه الكلام إلى المخاطب. ثم مع الزمان تولدت في اللغة العربية صيغة للأمر، وهي مأخوذة من المضارع. فلماذا أخذنا صيغة الأمر من المضارع ولم نأخذها من الماضي؟ لذلك سببان: الأول؛ أن صيغة المضارع مشتركة بين الحال والاستقبال، وأما صيغة الماضي فموضوعة للماضي؛ ولأن الأمر لا يدل إلا على الاستقبال، كانت صيغة المضارع أنسب له. الثاني؛ للمضارع ثلاث حالات إعرابية: «رفع، ونصب، وجزم »؛ ولأن الجزم أنسب للأمر أخذنا له المضارع المجزوم، وعلى ذلك يكون الأمر معربا لا مبنيا، وليس له إلا حالة واحدة وهي الجزم على رأي الكوفيين، وليس جزمه بناء كما يقول جمهور الصرفيين.
ولم يكن للأمر في أصل استعماله علامة للفاعل، فكان يعرف الفاعل من القرينة، وهي توجيه الكلام إلى المخاطب، فإذا قلت لشخص واقف أمامي «اذهب» عرف الفاعل بدون علامة خاصة له؛ لأن المقصود من العلامة بيان الفاعل، فإذا كان الفاعل معروفا من توجيه الكلام استغنينا عنها. وكما استغنينا عن علامة للفاعل استغنينا عن علامة للزمان؛ لأن هناك قرينة تدل عليه، وهي الطلب؛ إذ العمل الذي نطلبه لا يكون إلا في المستقبل بعد الطلب، إذن فالفاعل في الأمر يعرف من قرينة توجيه الكلام إلى المخاطب، والزمان يعرف من قرينة الطلب، فلما أخذنا صيغة المضارع المجزوم حذفنا العلامة من أوله لاستغنائنا عنها، ثم لما تولدت هذه الصيغة في اللغة، وكان العرب يميلون إلى الدقة في البيان أضافوا إلى الأمر علامات للمثنى، ولجمع المذكر العاقل، ولجمع المؤنث، وللمخاطبة، وإن كانت هناك قرينة معنوية تغني عن هذه العلامات كما تقدم. وتركوا الأمر للمخاطب بدون علامة لفظية؛ اكتفاء بالقرينة حسب الأصل. وقد اختصت صيغة الأمر بالشخص المخاطب في حالة الإثبات، ولكن إذا أردنا توجيه الأمر إلى غير المخاطب استعملنا صيغة المضارع المجزوم مع اللام للأمر المثبت، وإن جاز استعمال هذه الصيغة للمخاطب وغيره، ومع لا الناهية للأمر المنفي، فقلنا: «ليذهب» و«لا يذهب». وقد امتاز الأمر بأنواع كثيرة أجعل الكلام عنها خاتمة هذا البحث: (1)
Shafi da ba'a sani ba