Littafin Mustarsid
كتاب المسترشد
Nau'ikan
أو أن يكون رأيك ومقصدك، ومذهبك في ذلك ومعتمدك، ما خلق سبحانه وأعطى، وبث في الخلق وذرأ، من القدرة التي أعطاها جميع الخلق، من الاستطاعة التي بث في جميع أهل الباطل والحق، ليعبدوه بها ويطيعوه، ويستعملوها في طاعته ويرضوه، ثم هداهم النجدين ومكنهم في ذلك من العملين، ولم يحل بينهم وبين أفعالهم ليجازيهم على جميع أعمالهم، ثم أمرهم بالطاعة، ونهاهم عن المعصية، ثم قال: { من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون } [النمل: 89]، وقال: { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } [الزلزلة: 7-8]، ثم قال من بعد الإعذار والإنذار، والدعاء والتبصير والإخبار: { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا } [الكهف: 29]، فقصد للطاعة قاصدون، ونكب عنها ناكبون، ورفض قوم الهوى، وركبوا التقى، وترك قوم التقى، واتبعوا الهوى، فحق للمطيعين الوعد من الرحمن بالجنان، ووجب على العاصين ما أوعد من النيران، وفي أولئك ومن كان من الخلق كذلك ما يقول ذو السلطان والجبروت، وذو الرأفة والقدرة والملكوت: { فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى } [النازعات: 37:41)]، وقال فيمن دعي إلى الحق فأبى، وأمر بالطاعة فعصى، وآثر على الحق الهوى: { فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين } [القصص: 50]، وقال جل جلاله عن أن يحويه قول أو يناله: { أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون } [الجاثية: 23]، وقال: { أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا } [الفرقان: 43.]، فإن كنت تريد هذا القول، فإنا به، ولله الحمد، نقول، ونشهد بالمنة فيه للعلي ذي الطول.
وإن كنت تريد بقولك، وما تتكلم به من كلامك: أن لله قدرة سواه بها يقدر على ما يريد ويشاء، تعالى الله عن ذلك العلي الأعلى، فهذا ما لا نقوله ولا نذهب إليه، ولا نجيزه؛ لأنه من المقال قول فاسد محال؛ لأن القدرة لو كانت كذلك، تعالى الله عن ذلك، لم تخل من أن تكون قديمة أولية؛ فتكون ثابتة مع الله أزلية، وهذا فإبطال التوحيد، وعين المضادة لله الواحد الحميد، وإبطال القرآن، وتكذيب الرحمن؛ لأنه سبحانه يقول: { هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم } [الحديد: 3]، ويقول: { لمن الملك اليوم لله الواحد القهار } [غافر: 16]، فقال سبحانه: هو الأول، فذكر أنه الأول قبل كل شيء، ولا يكون الأول إلا فردا لا ثاني معه، كما لا يكون الآخر إلا الذي لا شيء بعده، وكذلك الواحد فهو الذي لا ثاني معه، وذلك الله الجليل الرحمن، المتعالي عما يقول حزب الشيطان، فهذا من قولهم فمعنى فاسد باطل، وعن الحق والحمدلله حائل.
Shafi 182