بسم الله الرحمن الرحيم
أخبرنا الفقيه المحدث الصالح الزكي العدل، أبو القاسم ابن الفقيه الجليل، أبي عبد الله محمد بن علي الوسولي ﵀، وبرد ضريحه وغيره إجازة، قالا: الفقيه الحافظ المحدث الزاهد: أبو الحسين يحيى بن محمد بن علي الأنصاري ﵁، قال: قال الشيخ الفقيه الحافظ أبو القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال ﵁.
اللهم اجعلنا ممن استغاث بك فأغثته، ودعاك فأجبته، وتضرع إليك فرحمته، وتوكل عليك فكفيته، واستعصم بك فعصمته، ووثق بك فحميته، واستهداك فهديته، وانقطع إليك فآويته، واستنصر بك فنصرته، وتاب فقبلت توبته، وأناب إليك فرحمت عبرته، واجعلنا اللهم لنعمائك من الشاكرين، وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين، واغفر لنا وأنت خير الغافرين، وصلى الله على محمد خاتم النبيين وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى جميع النبيين والمرسلين، وسلام الله عليه وعليهم أجمعين.
١ - أخبرنا أبو محمد بن عتاب، عن أبي حفص عمر بن عبيد الله، قال: أنا أبو المطرف بن فطيس، قال: كتب إلي الحسن بن شعبان بخطه، قال: أنا أبو بكر محمد بن المنذر، قال: أنا محمد بن إسماعيل، أنا زهير، أنا عمر بن يونس، أنا عكرمة، قال: حدثني أبو زميل، قال: حدثني عبد الله بن عباس، قال: حدثني عمر بن الخطاب، قال: لما كان يوم بدر، نظر رسول الله ﷺ المشركين، وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا، فاستقبل رسول الله ﷺ القبلة، ومد يديه فجعل يهتف بربه:
1 / 9
«اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض» .
فما زال يهتف بربه، مادا يديه، مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه، وأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، فقال: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك.
فانزل الله تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ [الأنفال: ٩] فأمده الله بالملائكة.
٢ - وذكر ابن سلام، عن الكلبي، قال: بلغنا أن رسول الله ﷺ لما نزل بدرا، وقد بلغه عدة المشركين استغاث ربه ﷿، وسأله النصر، فاستجاب له، وأيده بألف من الملائكة مردفين، يعني: متتابعين.
فقال مجاهد: ﴿بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ [الأنفال: ٩] يعني: ممدين.
٣ - أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله المعافري، وأبو علي حسين بن محمد الصدفي مكاتبة، قالا: أنا أبو الفوارس طراد بن محمد الزينبي، ثنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو علي الحسين بن صفوان، ثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، قال: حدثني عيسى بن عبد الله التيمي، قال: أخبرني فهير بن زياد الأسدي، عن موسى بن وردان، عن الكلبي وليس بصاحب التفسير عن الحسن، عن أنس، قال: كان رجل من أصحاب رسول الله ﷺ من الأنصار، يكنى أبا معلق، وكان تاجرا يتجر بمال له ولغيره، ويضرب به في الآفاق، وكان ناسكا ورعا، فخرج مرة فلقيه لص مقنع في السلاح، فقال له:
1 / 10
ضع ما معك فإني قاتلك.
قال: ما تريد إلى دمي، شأنك بالمال.
قال: أما المال فلي ولست أريد إلا دمك.
قال: أما إذ أبيت فذرني أصلي أربع ركعات.
قال: صل ما بدا لك.
فتوضأ، ثم صلى أربع ركعات، فكان من دعائه في آخر سجدة أن قال: «يا ودود، يا ذا العرش المجيد، يا فعال لما يريد، أسألك بعزتك التي لا ترام، وملكك الذي لا يضام، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك، أن تكفيني شر هذا اللص، يا مغيث أغثني» .
ثلاث مرات فإذ دعا بها ثلاث مرات، فإذا هو بفارس قد أقبل بيده حربة، وضعها بين أذني فرسه، فلما بصر به اللص أقبل نحوه حتى طعنه فقتله.
ثم أقبل إليه.
قال: قم.
قلت: من أنت بأبي وأمي؟ ّ! قد أغاثني الله بك اليوم.
قال:
1 / 11
أنا ملك من أهل السماء الرابعة، دعوت بدعائك الأول فسمعت لأبواب السماء قعقعة، ثم دعوت بدعائك الثاني فسمعت لأهل السماء ضجة، ثم دعوت بدعائك الثالث فقيل: دعاء مكروب.
فسألت الله أن يوليني قتله.
قال: أبشر واعلم أنه من توضأ وصلى أربع ركعات ودعا الدعاء، استجيب له مكروبا كان أو غير مكروب.
٤ - قال ابن أبي الدنيا: ثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: ثنا النضر بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم بن عبد الرحمن، قال: كان رسول الله ﷺ إذا نزل به هم أو غم قال: «يا حي، يا قيوم، برحمتك أستغيث» .
قصة أخرى تشبهها في المستغيثين بالله تعالى
٥ - أخبرنا القاضي الشهيد أبو عبد الله محمد بن أحمد بن خلف التجيبي، قال: أخبرنا أبو علي حسين بن محمد الغساني، قال: أخبرنا أبو عمر النمري، قال: ثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: ثنا قاسم بن أصبغ، قال: ثنا أبو بكر بن أبي خيثمة، قال: ثنا ابن معين، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير المصري، قال: ثنا الليث بن سعد، قال:
1 / 12
بلغني أن زيد بن حارثة اكترى من رجل بغلا إلى الطائف، اشترط عليه الكري أن ينزله حيث شاء.
قال: فمال بنا إلى خربة فقال له: انزل.
فنزل.
فإذا في الخربة قتلى كثيرة فلما أراد أن يقتله قال له: دعني أصلي ركعتين.
قال: صل؛ فقد صلى قبلك هؤلاء فلم تنفعهم صلاتهم شيئا.
قال: فلما صليت أتاني ليقتلني.
قال: فقلت: يا أرحم الراحمين.
قال: فسمع صوتا: لا تقتله.
قال: فهاب ذلك، فخرج يطلب، فلم ير شيئا فرجع إلي، فناديت: يا أرحم الراحمين.
فعل ذلك ثلاثا، فإذا أنا بفارس على فرس في يده حربة حديد، في رأسه شعلة من نار فطعنه بها فأنفذه من ظهره فوقع ميتا.
ثم قال لي: لما دعوت المرة الأولى: «يا أرحم الراحمين»، كنت في السماء السابعة فلما دعوت في المرة الثانية: «يا أرحم الراحمين»، كنت في السماء الدنيا فلما دعوت في المرة الثالثة: «يا أرحم الراحمين»، أتيتك.
1 / 13
٦ - أخبرنا أبو محمد بن عتاب، عن أبيه، ثنا أبو عثمان بن سلمة، ثنا أحمد بن خالد التاجر، ثنا أبو عمرو بن السماك، ثنا ابن البراء، ثنا المفضل بن حازم، قال: ثنا يوسف بن عزولا، قال: حدثني مخلد بن ربيعة، عن كعب الأحبار: قال في الإنجيل الذي أنزل الله على عيسى: «يا عيسى انقطع إلي بالمودة، واستغن بي في حالات الشدة، فإني أغيث المكروبين وأنا أرحم الراحمين» .
من كتاب الدعاء لأبي حاتم الرازي في المستغيثين بالله تعالى.
٧ - قال: قرئ على يوسف بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن وهب، قال: ثنا موسى بن الحسن، عن عبد الرحمن بن أبي الرجال، عن موسى بن عقبة، أن جبريل ﵇ قال لرسول الله ﷺ: «ما بعثت إلى أحد أحب إلي منك، أفلا أعلمك دعاء اختبأته لك لم أعلمه أحدا قبلك، تدعو به في الرغبة والرهبة»: «يا نور السموات والأرض، ويا قيوم السموات والأرض ويا عماد السموات والأرض، ويا زين السموات والأرض، ويا جمال السموات والأرض، ويا بديع السموات والأرض، ويا ذا الجلال والإكرام، يا غوث المستغيثين، ومنتهى رغبة العابدين، ومنفس المكروبين، ومفرج المغمومين، وصريخ المستصرخين، مجيب دعوة المضطرين، كاشف كل سؤالة العالمين.
ثم تسأل كل حاجة من حوائج الدنيا والآخرة» .
1 / 14
٨ - قال: وثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن وهب، قال: ثنا عبد العزيز، عن حسين بن زيد بن علي بن حسين، عن جعفر بن محمد، أن رسول الله ﷺ دعا يوم أحد بهذا الدعاء: «يا صريخ المكروبين، ومجيب المضطرين، ويا كاشف الكرب العظيم، اكشف كربي وهمي وغمي، فإنك تر حالي وحال أصحابي» .
فصرف الله عدوهم.
٩ - أخبرنا أبو محمد بن عتاب في آخرين، عن أبي عمر النمري، قال: أخبرنا أبو الوليد بن الفرضي، أخبرنا أبو محمد الضراب بمصر، قال: أنا أحمد بن مروان المالكي، قال: ثنا جعفر بن محمد الصائغ، قال: ثنا عاصم بن علي، قال: ثنا أبو هلال، عن بكر بن عبد الله المزني، قال: " لما أرادوا أن يلقوا إبراهيم ﷺ في النار، ضجت عامة الخليقة إلى الله ﷿، فقالوا: يا رب، خليلك يلقى في النار، إيذن لنا فلنطفئ عنه.
فقال جل وعز: هو خليلي ليس لي خليل غيره، وأنا إلهه ليس له إله غيري، فإن استعان بكم فأعينوه، وإلا فدعوه.
قال: وجاء ملك القطر فقال: يا رب، خليلك يلقى في النار، فإيذن لي فأطفئ النار عنه بقطرة واحدة.
فقال جل وعز:
1 / 15
هو خليلي ليس في الأرض خليل غيره، وأنا إلهه ليس له إله غيري، فإن استغاث بك فأغثه وإلا فدعه.
قال: فلما أن ألقي في النار قال الله ﵎: ﴿يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ [الأنبياء: ٦٩] .
قال: فبردت النار يومئذ على أهل المشرق والمغرب فلم ينضج بها كراع
١٠ - وأخبرنا أبو محمد، عن أبيه، قال: أنا عبد الرحمن بن مروان، عن الحسن بن رشيق، قال: ثنا أحمد بن مروان، ثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، قال: ثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا عبد الله بن محمد التيمي.
قال: ثنا معاذ بن رباح، عن بعض أشياخه، قال: يذكر الناس ما ثبت على ولد يعقوب، ولا يدرون ما لقوا وما مر بهم؛ مكث يعقوب يدعو عشرين سنة وولده خلفه قيام يدعون، حتى علموا دعوات، فدعا بهن يعقوب ﷺ: «يا رجاء المؤمنين لا تقطع رجائي، ويا غياث المؤمنين أغثني، ويا مانع المؤمنين ويا محب التوابين تب علينا» .
فدعا بهن يعقوب في السحر فتيب عليهم.
١١ - قال أحمد بن مروان: حدثنا إبراهيم الحربي، قال: ثنا المثنى بن عبد الكريم، عن زافر بن سليمان، عن يحيى بن سليم أنه بلغه أن ملك الموت ﷺ استأذن ربه أن
1 / 16
يسلم على يعقوب ﷺ، فأذن له فأتاه فسلم عليه.
فقال له يعقوب: بالذي خلقك، هل قبضت روح يوسف؟ قال: لا.
قال: فقال له ملك الموت: يا يعقوب، ألا أعلمك كلمات لا تسأل الله بها شيئا إلا أعطاك؟ قال: بلى.
قال: قل: «يا ذا المعروف الذي لا ينقطع معروفه أبدا ولا يحصيه أحد غيره» .
قال: فما طلع الفجر، حتى أتي بقميص يوسف صلى الله عليهما.
وذكره ابن أبي الدنيا في كتاب: الفرج بعد الشدة من تأليفه، قال: حدثني المثنى بن عبد الكريم، عن زافر بن سليمان مثله
١٢ - وذكره علي العتكي في كتاب الغربة من تأليفه، قال: حدثنا محمد بن علي الفرضي: ثنا عثمان بن خرزاذ، ثنا الحسين بن محمد، ثنا الحسن بن علي الحلواني، ثنا عبابة بن كليب، عن زافر بن سليمان، قال: لما أصاب يعقوب ﷺ من الحزن على يوسف ﵇ ما أصابه، سأل
1 / 17
الله ﷿ أن يزوره ملك الموت، فزاره.
فقال: يا ملك الموت، هل تعرف روح من قبضت منذ يوم خلق الله ﷿ السموات والأرض؟ قال: نعم.
قال: فهل قبضت روح يوسف فيمن قبضت؟ قال: لا.
قال: فأين هو؟ قال: لا أدري ولكن قل: «يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا، ولا يحصيه أحد غيرك»، فقالها فما طلع الفجر حتى أتي بالقميص
١٣ - أخبرنا أبو محمد: أنا أبو عمر: أنا أبو الوليد: أنا الضراب: أنا المالكي: ثنا
1 / 18
يوسف بن عبد الله الحلواني، قال: ثنا عثمان بن الهيثم المؤذن، قال: ثنا عوف الأعرابي، عن الحسن البصري، أنه قال: هذا الدعاء هو دعاء الفرج، ودعاء الكرب: " يا حابس يد إبراهيم عن ذبح ابنه وهما يتناجيان اللطف يا أبت، يا بني، يا مقبض الركب ليوسف في البلد القفر وغيابة الجب، وجاعله بعد العبودية نبيا ملكا، يا من سمع الهمس من ذي النون في ظلمات ثلاث: ظلمة قعر البحر، وظلمة الليل، وظلمة بطن الحوت، يا راد حزن يعقوب، يا راحم عبرة داود، يا كاشف ضر أيوب، يا مجيب دعوة المضطرين، يا كاشف غمم المهمومين، صلي اللهم على محمد وعلى آل محمد، وأسألك أن تفعل بي كذا ".
١٤ - أخبرنا أبو محمد بن عتاب، عن ابن عابد، عن ابن مفرج: أنا ابن الأعرابي: ثنا الدبري، عن عبد الرزاق، عمن ذكرهم، قال: اجتمع فتيان وجالستهم امرأة جميلة، وكان قريبا منهم راهب في صومعة له، فبينا هم يتحدثون قالت لهم المرأة: أرأيتم إن فتنت هذا الراهب؟ فقال لها الفتيان: لا تستطيعين ذلك.
قالت:
1 / 19
بلى أستطيع.
قالوا: وكيف ذلك؟ فقامت إلى الطيب، فتطيبت، ولبست من أحسن ثيابها، ثم أتت باب الصومعة ليلا، فنادت الراهب، فقالت: يا عبد الله، افتح لي الباب آوي إلى جنبه فإني أتخوف.
فلم تزل به، حتى نزل ففتح لها الباب، فدخلت فقعدت إلى جنب الباب، وصعد هو، ثم صعدت بعده ونزعت جميع ما عليها، ثم استلقت بين يديه عريانة، فنظر إلى أمر عظيم وفكر.
ثم قدم يده إلى المصباح فجعل عليه إصبعه الصغرى وهي تحترق حتى سقطت لم يحس ذلك من الشهوة.
ثم وضع إصبعه الأخرى حتى نفذت أصابعه، فلما رأت ذلك انفض فؤادها فماتت.
فلما أصبح الفتيان غدوا إليه فوجدوها عنده ميتة، فقالوا له: يا عدو الله كنت تغرنا والناس وقتلت هذه المرأة.
فأخذوه، وأوثقوه، وغسلوا المرأة وكفنوها، وقدموه ليضربوا عنقه، فطلب إليهم أن يتركوه يصلي ركعتين، ففعلوا.
فتوضأ وصلى ركعتين، ورفع يديه فدعا إلى الله، فإذا المرأة قد اضطربت في أكفانها واستوت قاعدة، فأخبرتهم بالذي رأت منه، ورد الله إليها نفسها وعاشت بعد ذلك.
وخلي الراهب، فعاد إلى صومعته، وابتنت إلى جنبه صومعة وتعبدت معه.
١٥ - قال ابن أبي الدنيا: حدثني سويد بن سعيد، قال: وحدثنا خالد بن عبد الله اليماني، قال:
1 / 20
استودع محمد بن المنكدر وديعة، فاحتاج إليها فأنفقها، وجاء صاحبها يطلبها، فقام فتوضأ وصلى.
ثم دعا فقال: «يا ساد الهواء بالسماء، ويا حابس الأرض على الماء، ويا واحد قبل كل واحد كان، ويا واحد بعد كل واحد يكون، أدِّ عني أمانتي» .
فسمع قائلا يقول: خذ هذه فأدها عن أمانتك واقصر الخطبة فإنك لن تراني.
وذكر هذه الحكاية: أبو الحسن بن جهضم، وزاد في آخرها: فإذا هو بمثابة دينار ولم ير أحدا، فأخذها وأدى أمانته والحمد لله.
١٦ - أنا أبو الحسن عبد الرحمن بن عبد الله، عن قاسم بن محمد: ثنا أبو الحسن بن جهضم: أنا محمد بن عبد الرحمن بن إسحاق: ثنا أبي: ثنا محمد بن الحسن، ثنا يحيى بن أبي بكر، ثنا عمارة بن زاذان، قال: كنا مع زياد النميري في طريق مكة، فضلت ناقة لصاحب لنا، فطلبناها فلم نقدر عليها، فأخذنا نقسم متاعه، فقال زياد النميري: ألا أقول شيئا: سمعت أنس بن مالك يقول: «تقرأ حم السجدة وتسجد وتدعو» .
فقلنا: بلى.
فقرأ بالسجدة وسجد ودعا، فرفعنا رءوسنا فإذا رجل معه الناقة التي ذهبت، فقال زياد النميري: أعطوه من طعامكم.
1 / 21
فلم يقبل، فقال: أطعموه.
فقال: إني صائم.
قال: فنظرنا فلم نره ولا ندري أين ذهب.
١٧ - أنا أبو محمد بن عتاب، عن أبي عمر النمري: ثنا ابن الفرضي: ثنا أبو محمد الضراب، قال: أنا أحمد بن مروان، قال: ثنا موسى بن البصري: ثنا محمد بن الحارث، عن المدائني، عن ابن الكلبي، عن أبي صالح، وثنا محمد بن عبد العزيز، ثنا أبي، عن أبي يعقوب الخطابي، عن أبيه، عن جده، عن أبي صالح: أن العباس بن عبد المطلب ﵁، يوم استسقى به عمر بن الخطاب ﵁ قال: لما فرغ عمر بن الخطاب ﵁ من دعائه قال العباس: «اللهم إنه لم ينزل بلاء من السماء إلا بذنب، ولا يكشف إلا بتوبة، وقد توجه بي القوم إليك لمكاني من نبيك ﷺ، وهذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا بالتوبة، وأنت الراعي لا تهمل الضالة، ولا تدع الكسير بدار مضيعة، فقد ضرع الصغير ورق الكبير، وارتفعت الشكوى، وأنت تعلم السر وأخفى، اللهم فأغثهم بغياثك قبل أن يقنطوا فيهلكوا، فإنه لا ييأس من رحمتك إلا القوم الكافرون» .
قال: فما تم كلامه حتى ارتجت السماء بمثل الجبال.
١٨ - أبو بكر بن أبي الدنيا: أنا أبو بكر الشيباني، قال: ثنا عطاء بن مسلم، عن العمري، عن خوات بن جبير، قال: أصاب الناس قحط شديد على عهد عمر ﵁، فخرج عمر بالناس فصلى ركعتين، وخالف بين طرفي ردائه، فجعل اليمين على اليسار واليسار على اليمين، ثم بسط يديه فقال:
1 / 22
«اللهم إنا نستغفرك ونستسقيك» .
فما برح مكانه حتى مطروا، فبينا هم كذلك إذا عرب قد قدموا فأتوا عمر فقالوا: يا أمير المؤمنين، بينا نحن بوادينا، في يوم كذا في ساعة كذا، إذ أظلنا فسمعنا صوتا: «أتاك الغوث أبا حفص، أتاك الغوث أبا حفص» .
١٩ - قال بكر: ثنا بشار بن موسى الخفاف: ثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، قال: كنت مع أنس فجاء قهرمانه، فقال: عطشت أرضنا.
قال: فقام أنس فتوضأ، وخرج إلى البرية فصلى ركعتين ثم دعا، فرأيت السحاب تلتئم.
قال: ثم مطرت حتى ملأت كل شيء، فلما سكن المطر، بعث أنس بعض أهله فقال: انظروا أين بلغت الماء.
فنظروا فلم تعد أرضه إلا يسيرا.
٢٠ - قرأت بخط أبي الوليد بن الفرضي، من روايته، عن إسماعيل القاضي: ثنا أحمد بن المعدل: أنا عبد الملك، قال: نزل بي أمر أهمني، فرأيت النبي ﵇ وهو واقف عند الباب الذي يلي القبر، وهو يقول: «الله لمن أدعو إذا لم أدعك فتجيبني، اللهم إلى من أتضرع إذا لم أتضرع إليك فترحمني، الله إلى من أستغيث إذا لم أستغث بك فتغيثني» .
1 / 23
قال: فانتبهت، فدعوت بذلك، ففرج عني من ذلك الهم.
وقال: فقالت لي امرأتي: رأيت النبي ﵇ في النوم وهو يقول: «يا من فلق البحر لموسى ونجاه وبني إسرائيل من فرعون، أسألك بما فلقت به البحر لموسى ونجيته وبني إسرائيل من فرعون لما نجيتني من همي» .
٢١ - أخبرنا أبو محمد بن عتاب: أنا أبي: أنا يونس بن عبد الله، قال: حدثني خلف بن محمد الإمام بمسجد الضيافة، قال: أنا أبو مطر القاضي، قال: ثنا أحمد بن محمد بن خزيمة، قال: ثنا محمد بن يحيى بن عبد الكريم، عن داود بن المحبر، قال: ثنا صالح المزي، عن بكر بن عبد الله في قوله: ﴿ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ﴿٢﴾ إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ﴿٣﴾﴾ [مريم: ٢-٣] .
قال: دعا ربه في جوف الليل الأوسط وهو ساجد فنادى: «يا رب يا رب» وقد خنقته العبرة، ودموعه تنحدر وقد نامت العيون، ولم يعلن البكاء اختفاء بخلوته، فلما كرر النداء أجاب ربه: «لبيك لبيك سلني أعطيك» فسأله، فأعطاه، فقال: ﴿إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾ [مريم: ٧] .
يحيى يحيا لا تميته الذنوب كما أماتت من كان قبله من ولد آدم.
1 / 24
٢٢ - وأخبرنا أبو محمد، عن أبيه، قال: ثنا يونس بن عبد الله، قال: حدثني أبو عبد الله بن طالب المؤدب، قال: ثنا أبو عبد الله محمد بن محمد الحباس، إملاء في داره في مصر، قال: ثنا أبو جعفر محمد بن علي الشيخ الصالح الثقة، قال: ثنا جعفر بن سليمان، قال أبو عبد الله، وقد أخذت أنا عن جعفر بن سليمان، ولكني أخذت هذا الحديث عن هذا الشيخ لعدالته وثقته، وكان قد باع كل شيء له وانفرد بعبادة ربه؛ قال: ثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، قال: ثنا عطاف بن خالد المخزومي، قال: غدا سليمان بن داود إلى مسجد بيت المقدس ليفتحه، فأعياه القفل أن ينفتح، فدعا له الإنس والجن فأعياهم، فمر به شيخ كبير من جلساء داود، فقال له: يا نبي الله ما لي أراك مهموما؟ قال: أعيا علي أن ينفتح وعلى الإنس والجن.
فقال له الشيخ: ألا أدلك على كلمات، كان داود النبي ﷺ، إذا أهمه أمر دعا بهن، ففرج الله همه؟ قال:
1 / 25
نعم.
قال: تقول: «اللهم بنورك اهتديت، وبفضلك استغنيت، وبنعمتك أصبحت وأمسيت، هذه ذنوبي بين يديك، أستغفرك وأتوب إليك» .
فقالها سليمان على القفل فانفتح.
قال محمد بن علي: إنما يتقبل الله من المتقين.
٢٣ - وذكر هذه القصة: أبو عبد الله الفضل بن عبيد الله بن الفضل الهاشمي في كتاب: فضائل بيت المقدس من تأليفه فقال:
أخبرنا عبد الصمد بن محمد الهمداني، قال: ثنا النضر بن سلمة، قال: ثنا ابن أبي أويس، عن محمد بن نصير مولى معاوية بن أبي سفيان، عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله ﷺ: " إن سليمان لما أعياه فتح بيت المقدس، دعا الإنس والجن فأعياهم حتى جاءه شيخ من جلساء داود ﵇ فقال: ألا أعلمك دعوات، كان أبوك داود، إذا اهتم أو كربه أمر، فدعا بها فرج الله عنه؟ قال سليمان: بلى.
فقال الرجل: كان يقول: «اللهم بنورك اهتديت، وبفضلك استغنيت، وبنعمتك أصبحت وأمسيت» .
قال: فقالها سليمان ففتحت ".
1 / 26
٢٤ - أخبرنا أبو محمد: أنا أبي: أنا القنازعي: أنا ابن رشيق، قال: حدثنا أحمد بن جعفر الترمذي، قال: حدثني إسماعيل بن جعفر الجوهري، قال: كان عندنا رجل ببغداد يقال له: محمد بن عبيد، وكان يقاس من الزهد والعبادة إلى أحمد بن حنبل.
قال: وكانت عنده جارية، فباعها فاتبعتها نفسه، فسار إلى مولاها فقال: أقلني بيع الجارية.
قال: ما أفعل.
قال: فأربح علي عشرة دنانير.
قال: ما أفعل.
قال: بارك الله لك فيها.
فانصرف، فلما كان في الليل أراد فطره وأراد ورده من الليل، فلم يقدر عليه، وأجهد، فكتب اسمها في كفه، فكلما طرقه من أمرها طارق، رفع كفه إلى السماء وقال: يا سيدي، هذه قصتي فانظر فيها.
1 / 27
فلما كان في السحر فإذا الرجل يقرع الباب.
قال: من هذا؟ قال: أنا، صاحب الجارية.
قال: فخرج بالمال والربح، فقال الرجل: هذه الجارية بارك الله لك فيها.
قال: وهذا المال والربح بارك الله لك فيه.
قال: والله لا أخذت منك من ثمنها دينارا ولا درهما.
قال: ولم، يرحمك الله؟ قال: لأنه أتاني آت في منامي الليلة فقال: «رد الجارية على ابن عبيد ولك على الله الجنة» .
والحمد لله رب العالمين.
٢٥ - أخبرنا غير واحد، عن أبي عمر النمري، قال: ثنا خلف بن قاسم، قال: ثنا أبو علي بن محمد، قال: أنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد.
قال: ثنا الحسن بن الصباح: قال: ثنا يحيى بن معين، قال: ثنا يحيى بن بكير، قال: ثنا الليث بن سعد، قال:
1 / 28