ولما سمعت أم كلثوم أباها أمير المؤمنين يقول : « صوائح تتبعها نوائح » قالت : يا أبة تتطير؟ قال عليه السلام :
ولم يحك الله التطير إلا عن أعداء الرسل المالئين عن صراط الشريعة المنحرفين عن التعاليم المقدسة فانهم قالوا لرسلهم : « إنا تطيرنا بكم لئن تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم * قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون » وفي الحكاية عن قوم صالح : « قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله » ، وفي الحكاية عن قوم فرعون : « فاذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا انما طائرهم عند الله » ، وفي الحكاية عن أعداء رسول الله : « وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله ».
فالطائر سواء فسر بالبلاء المنزل عليهم أو العمل المسبب لنزول البلاء تكون نسبته الى الله تعالى باعتبار أنه المجازي لهم على أعمالهم القبيحة ، ونسبته اليهم باعتبار تسبيبهم لنزول البلاء بالجحود والطغيان على المولى الحكيم جل شأنه وتكذيب الرسل بما جاوأ به من عند ربهم وأنذروا أممهم الذي هو سبب لتقدير قضاء الله وحلول بلائه ونقمته.
وعلى كل حال فالشريعة المطهرة ردعت عن كل ما يعرقل البشر عن الفوز والنجاح والمضي في الأعمال وبلوع الغايات ، وان التطير بتلك الأمور المعروفة عند العرب فمع اعتقاد أن لها التأثير في الخير والشر فهو شرك كما في الحديث ، ومع عدم الإعتقاد بها فمن الخطأ الواضح التأخير عن الأعمال عند عروضها وان أشد الناس خوفا وأضيقهم صدرا وأحزنهم قلبا كثير الإحتراز لما لا يضره ولا ينفعه ، وكم شخص حرم بذلك نفسه من الرزق بتأخره عن الأعمال لمجرد سماع أو رؤية ما يسوؤه.
وقد أوضح النبي صلى الله عليه وآله لامته فساد الطيرة ليعلموا أن الله تعالى
Shafi 69