سانسو يرسل الدخان في الفراغ متجاهلا رقصنا وإيقاعات الجالو الصاخبة، بدا لي باردا، بل لحد ما حزينا.
لكنه فجأة أصدر صوتا غليظا، نحى صخب الجالو جانبا، اخترق أذني في بحة ثقيلة: يا ود مريم، يلا امشي بيتكم، بلاش كلام فارغ معاكي.
نفض كدوسه واتجه نحونا، قلت له بتحد وأنا أتمسك بأصابع باتريشيا الطويلة: ما ماشي؟
رمقني بنظرة شريرة: يا ود مريم اسمعي الكلام.
أخذتني باتريشيا في صدرها، غمرتني رائحة من جسدها عظيمة، قالت: امشي البيت خلاص يا ود مريم، الأسطوانة خلاص انتهت، يوم تاني نجيب حجار بتاع بطارية، ونرقص سوا سوا.
قلت وأنا ألتصق بصدرها بشدة: ما ماشي البيت.
دون أن تقول كلمة واحدة مشت بي نحو الباب الصغير الفاصل ما بين بيتنا وبيتهما، وفعلت فعلة شنيعة؛ حيث إنها نادت أمي طالبة منها أن تأخذني، عندها سمعت صوت أبي يهتف بغلظة طالبا من أمي أن تسلمني له ومعي الحزام، لكني قفزت من صدر باتريشيا هربا عبر باب الشارع إلى حيث لا يدركني أبي.
10
جاء إلي عطا المنان، وجدني جالسا على مسطبة الماسورة القديمة المتعطلة عند الخور، جوار المدرسة الثانوية، أحاول جاهدا إيجاد تفسير لما فيما مضى من أحداث مرت كالبرق، في الحق كنت أتتبع بقايا رائحة جسدها في أنفي، حيث بدأت واهنة بعيدة غالية، وجدني أتشمم الهواء مثل جرو صغير يبحث عن الاتجاه الذي ذهبت إليه أمه، قال لي مندهشا: قاعد تعمل كدا ليه؟ - الريحة.
قال وهو لا يفهم شيئا أو متجاهلا: دخلوا جو القطية. - متين؟ - هسع، أرح نشوف بكسرة الشباك، أمي قالت لأبوي: سانسو حيضبح مرتو؟ أبوي قال ليها: بطريقتم.
Shafi da ba'a sani ba