وفي ذلك الوقت كانت اختبارات التخرج تقترب، وريكو تستذكر دروسها كل يوم وهي بين الخوف من أن يأتي شقيقها لزيارتها في سكن الطالبات وأملها الضئيل ألا يحدث ذلك. وفي أحد الأيام، تشجعت وذهبت معتمدة على ذاكرتها إلى تلك الشقة، فعلمت أن شقيقها وامرأته قد رحلا عنها.
وتولد لديها تساؤل محير: لماذا لم يأت شقيقها لزيارتها؟ وبعد أن أصبحت مجددا لا تستطيع معرفة مكانه، تولدت، للعجب، مشاعر شوق متيم إليه!
بدأت ذكريات تلك الليلة المأساوية تتغير تدريجيا؛ فمع محاولة ريكو الدائمة ألا تتذكرها مهما حدث، فإنها كانت - من أجل أن تنقذ نفسها - ترجع دائما بتفكيرها إلى تلك الذكريات وتحاول تنقيتها وتجميلها ولو قليلا. قررت التفكير في أن ما حدث كان وهما وتخيلا منها. فلو فكرت أنه كان وهما، فلا يجب أن يكون وهما شريرا بأنه في نهاية مشادة أثناء سكر بين مع فتاة ليل بذيئة يغتصب الشقيق الذي يعمل في المافيا شقيقته، بل يجب أن يتحول إلى وهم مقدس ورمزي.
وهنا تتحول فتاة الليل؛ عشيقة الشقيق، تلك الفتاة ذات الصوت المجلجل البذيء، إلى الشاهد الأوحد، لترمز إلى كل محرمات المجتمع وانتقاداته وتحدياته. ويكون الشقيق هو الكاهن وريكو هي فتاة المعبد العذراء الطاهرة (وإنها لم تكن عذراء كما ذكرت). وهنا لا يمكن أن يقام الطقس المقدس والمرعب أيضا، بوجود ريكو وشقيقها فقط، بل يجب، من أجل أن يكتمل، وجود شاهد صارم بأية طريقة.
فتحولت تدريجيا تلك الغرفة الضيقة، إلى غرفة في عمق معبد صغير تنصب عليها أشعة إلهية مقدسة، لتنير الأشخاص الثلاثة الذين يظهرون في المشهد.
كانت خطة الشقيق، هي أن يجعل تلك الفتاة التي تقوم على رعايته، والتي تعاني غيرة العلاقة المعتادة التافهة بين الجنسين، شاهدة ترى مجالا مقدسا للجنس من منظور مختلف، مجالا يتخطى المعارف البديهية لعامة الناس. وريكو كذلك، والتي ترفض وتعترض شكليا فقط، تدرك داخل عقلها الباطن، خطة شقيقها السكران، وتوافق عليها. وعندما لمست يد الشقيق تنورة ريكو، وأغمضت عينيها بصرامة، شمت رائحة جسد شقيقها الشاب الذي ظلت تشعر بقربه دائما رغم ابتعاده عنها كل ذلك الوقت.
تحمل الشاهدة عبء القيام بدور المجتمع، فتراقب المشهد بعينين ممتلئتين حقدا، ولكن في اللحظة التي كان الشقيق على وشك اغتصاب شقيقته - ومع أنها كانت على وشك التأكد من انتصارها - انهار كل شيء؛ فتولد داخلها حدس: [إن الاثنين اللذين على وشك ممارسة الحب أمام عيني الآن هما شقيقان حقا]؛ لدرجة أن تلك الفتاة العاهرة ارتعد جسدها من الرعب. وهنا مدت يدها على عجلة وحاولت أن توقفهما. ولكن كان العالم الخارجي قد اضمحل بالفعل في عيون ريكو وشقيقها، وتركا الشاهدة الوحيدة بمفردها في ذلك العالم البعيد، وذهبا ليغرقا في قاع أعماق شديدة لا نهاية لها. نظرت الشاهدة إلى ذلك القاع، فداخت عيناها، ووقفت في ذهول. وأحست أنه - حتى إن حاولت إيقافهما - قد تأخر الوقت.
كانت تلك معجزة لا تحدث إلا داخل معبد مقدس إضاءته معتمة. إن رجعت الشاهدة الوحيدة إلى المجتمع وأخبرت عن هذا الحدث فلن يصدقها أحد. كانت الشاهدة تقف وحيدة في عزلة بين المعجزة والمجتمع. ولكن كان دورها في منتهى الأهمية، فالمعجزة تحتاج إلى شاهد؛ أيا كان، حتى إن لم يصدقه أحد من الناس، بل حتى إن لم يصدق هو شخصيا ما يراه بعينيه. ... بعد ذلك ضجرت ريكو من العالم بكل ما فيه. وعند التفكير بالمنطق كان اختفاء الشقيق عن الأنظار بسبب الخجل العميق الذي شعر به إزاء فعلته التي فعلها، إلا أن ريكو لم تستطع الرحيل عن طوكيو التي يقيم فيها شقيقها. فهي إن عادت إلى بلدتها وتزوجت فمن المؤكد أنها ستفقد إلى الأبد فرصة لقائه. فمجرد وجودها في طوكيو، ربما يحدث في وقت ما أن يظهر مثل إله، مغيرا هيئته القذرة تلك إلى هيئة مبهجة.
38
لقد ذكرت فيما سبق تفاصيل توظف ريكو بعد تخرجها في شركة كبرى للاستيراد والتصدير رغم معارضة والديها، وتعرفها هناك على الشاب ريوئتشي إغامي.
Shafi da ba'a sani ba