عند النظر والتفكير هكذا، يمكننا أن نفهم أن السلوك الحيواني لشقيقها لا يمكن مطلقا القول عنه إنه سلوك حب معتاد في المجتمع الإنساني. ولكن لا يخلو الأمر من أن ترى ريكو في وسط تلك التجربة المرعبة المخزية - وهم «اتحاد ذاتها مع علاقة عالمية». ولأن الطريقة كانت مخزية وهازئة؛ لأنها كذلك، وربما أحست ريكو - في الوعي واللاوعي - أنها لن تستطيع أن تحقق حلمها البعيد وحبها لشقيقها إن هي أفلتت تلك الفرصة.
وأريد من القارئ أن يتذكر مرة أخرى الأمر الذي رجوته أن يضعه في اعتباره في بداية هذا التقرير؛ أي القاعدة الأساسية التي تقول: «في عالم الجنس ما من سعادة واحدة تصلح لجميع البشر.»
أنا لا أحاول القول إن ريكو اكتشفت المتعة الأكثر حلاوة في مثل ذلك الرعب والخزي. فلم ألمح فيها بعد ذلك أية بوادر ولو قليلة لمازوخية متأصلة . ولكن في أعماق ذلك السلوك الشاذ ليس من العجيب أن تشعر بحنان شقيقها المخلص. فقد كان قلبها مهيأ في سرية تامة، منذ أن تعلمت في طفولتها تلك المتعة من خلال يد شقيقها لذلك السلوك الفاحش الذي لا يمكن الوصول إليه بدون اختراق شرائع العالم البشري. ولأنه منذ البداية سلوك منحرف عن الطريق القويم، فلا يمكن تحقيقه إلا في حالة منحرفة عن الطريق القويم. ولأنه في الأصل كابوس، فلا يمكن أن يظهر إلا أثناء المعاناة من الحمى.
كانا يعرفان استحالة ذلك الحب. لا يمكن أن يحققه إلا الموت أو لهو في منتهى البشاعة. ويمكن ملاحظة أن لاوعي ريكو قد جهز بالفعل واستعدت نفسيا لتجاوز وسوسة الفتيات الجنسية، لكيلا تمانع من أي خزي أو عار في سبيل الوصول إلى ذلك الحب مهما تكلف الأمر.
عند النظر نظرة أحادية، فقد يبدو ذلك السلوك في منتهى الإباحية، ولكنه بسبب ذلك قد تخطى الإباحية، وأصبح كأنه أحد الطقوس المقدسة. ولا شك أن ريكو وقتها أحست من خلال ذلك الفعل الحيواني بجوهر مقدس غير قابل للانتهاك يتوارى داخل الفعل الجنسي وداخل حنان الحب. ... عند هذا الحد، تبتعد المسألة عن التحليل النفسي ابتعادا لا نهائيا، ولكن في اللحظة التي عرفت فيها أن أسباب البرود الجنسي والهيستيريا تكمن هنا، شعرت أن أي كذب مهما كان عابثا، يخفي وراءه مشكلة إنسانية مرعبة. ويمكن القطع بالقول إن أي شخص يمر بنفس تجربتها نتوقع أن يسير في نفس مسار حياتها.
إن القداسة والإباحية المغرقة في إباحيتها، يتشابهان في أنهما «لا يمكن لمسهما باليد». وكما سيرى القراء فيما بعد، تحول ما شعرت ريكو به وقتها من خزي وعار ليس لهما نظير، إلى ذاكرة مقدسة. ... ... ...
لا تتذكر ريكو تقريبا كيف هربت من شقة شقيقها وصاحبته.
كانت الغرف في مسكن الطالبات في جامعة «س» للبنات مرفهة؛ لكل بنتين غرفة. عادت قبل موعد إغلاق البوابة بقليل وهي على وشك السقوط والانهيار، ووجهها أزرق شاحب، وعندما حاولت زميلتها في الغرفة مد يدها بحنان لمساعدتها ، دفعت ريكو يدها بعيدا بعنف، فانتقمت البنت منها انتقاما نسائيا وقالت لها: «لقد سمعت اليوم خبرا غريبا. يبدو أن مديرة المسكن تضع عينها عليك. وعندما سمعت تلك الشائعة فاض بي الغضب حقا. إن تلك العانس يبدو أنها أخذت تعوي وتقول إن شقيقك الذي جاء لزيارتك ليس شقيقك حقا، وإنه بالتأكيد عشيق يعمل في المافيا. وأن ذلك مشكلة كبرى من الناحية التعليمية، وبالنسبة لجامعة «س» للبنات المؤتمنة على بنات شريفات، لا تستطيع أن تتغاضى عن ذلك. إنها عودة إلى عصر ما قبل الحرب!»
ولا داعي للقول إلى أي مدى جرحت تلك الكلمة ريكو وقتها.
اعتقدت ريكو أنها لن تستطيع النوم في تلك الليلة، ولكن، على العكس، نامت على الفور نوما ضحلا، وهي تعاني كوابيس مرعبة بين اليقظة والنوم. وفي صباح اليوم التالي آلمها صداع عنيف، ولم تكن تريد الذهاب إلى الجامعة مهما حدث، ولكن نومها في المسكن سيجعل المديرة تشك فيها أكثر، وكذلك كانت تخاف من أن يأتي شقيقها للاعتذار عما حدث ليلة أمس، فضغطت على نفسها وذهبت للجامعة وسمعت المحاضرات التي لم تكن تتخطى أذنها.
Shafi da ba'a sani ba