وهذه الحالة ليست مرضا نفسيا ولا غيره، وكان العجوز نفسه مدركا لذلك، وكان متعاقدا مع صديقه الطبيب النفسي الذي يتردد عليه في بلاده على أنه مستشار أمين يستشيره في مشاكل الحياة. وبعد جلسة مرة واحدة فقط ترك بطريقة تقترب من الإجبار مبلغا كبيرا جدا يثير الدهشة، كأجرة علاج. ومقابل ذلك أجبرت على أن أكون دليله في طوكيو طوال الليل. ولأنني، كما ترون، شخص غير اجتماعي بالمرة؛ فقد طلبت من طبيب صديق ماهر في اللهو أن يعرفني على الأماكن المطلوبة.
وربما يعد ذلك من قبيل الرفاهية، وكنت قد عانيت معاناة كبيرة من ممثلة سينمائية أصيبت بانهيار عصبي بسبب ذهاب شعبيتها. إنها شهيرة جدا فلا يمكن أن أعلن عن اسمها هنا. كانت تتعامل معي من البداية للنهاية بعجرفة وهي مستاءة، قالت في بداية حديثها: «أنت أيضا يا دكتور تعرف ماذا سيظن الناس عندما يرونني أدخل إلى مثل هذا المكان بجراءة (قالت كلمة مثل هذا المكان بطريقة في منتهى الوقاحة)؟ أليس كذلك؟ وأنا آتي إلى هنا من أجل تلك النتيجة فقط؛ ولذلك ليس الهدف من قدومي هو تلقي العلاج منك، فمن البداية كيف يمكنك علاج شخص غير مريض؟»
إن ما كانت تلمح له بالقول هو أنها ليست مريضة على الإطلاق. ولكن من خلال التردد على عيادة طبيب نفسي لافتة للأنظار وتقع في مركز العاصمة، فإنه سيشاع على الفور في المجتمع أنها مصابة بانهيار عصبي وتنخفض قيمتها كممثلة شهيرة. ومن أجل أن تعلم منتجها الذي يهملها بقيمة الجوهرة التي في يده، تسقط تلك الجوهرة من يده وتجعلها تنكسر متناثرة إلى قطع صغيرة، وليس أمامها إلا فعل ذلك لجعله يندم. ولذلك تأتي إلى هنا في جسارة وبلا تردد؛ فقط من أجل تقليل قيمتها الفنية لكي تلفت انتباه المنتج ...
ولكن ذلك المنطق كان به بعض الجوانب الغريبة، فالممثلة التي يفترض أن تأتي «بجراءة» على مرأى من الجميع، لا تخلع النظارة السوداء مطلقا عن وجهها حتى تدخل العيادة، وهي تلتفت يمينا ويسارا مما يجعل في قولها تناقضا.
لا يمكن القطع بشيء مؤكد قبل عمل جلستين أو ثلاث جلسات من التحليل النفسي، ولكن إن تأكدنا من أعراض «اختلال الحالة النفسية الداخلية» أو «انفصام الوعي عن الحركة والمشاعر» فإنه يمكن التفكير في أنها مصابة بفصام (شيزوفرينيا) شديد. وهي نتيجة مؤلمة إذا تذكرنا العديد من الأدوار العظيمة التي أدتها ببراعة كبطلة جميلة حتى الآن. ويمكننا التفكير في أن انخفاض شعبيتها كان على العكس من حسن حظها في العلاج؛ لأن تحجيم فرص العلاج من أجل الحفاظ على صورتها لدى معجبيها، هو أمر لا يمكنني الموافقة عليه مطلقا.
وقد أظهرت أكيمي ياماؤتشي اهتماما وقحا جدا بتلك المشكلة. ومن الصعب معرفة لماذا تحمل اهتماما عميقا تجاه إصابة نجمة سينمائية جميلة بأعراض الفصام؟ فذهبت خصيصا إلى محلات الكتب القديمة واشترت الكثير من المجلات السينمائية القديمة، وأخذت تقارن صور تلك الممثلة في الأفلام التي قامت ببطولتها وهي في منتهى السعادة. «لا يبدو أن الناس في المجتمع يعرفون أنها مصابة بالفصام. ماذا ستكتب المجلات الأسبوعية لو عرفت ذلك؟» «حذار من بيع تلك المعلومة للمجلات الأسبوعية فهي ورطة كبرى.»
كانت أكيمي، بشكل خاص، تحملق بالتفصيل في صورة لأحد الأفلام المأساوية حيث كان ممثل وسيم يحضن تلك الممثلة وعلى وشك أن يقبلها. «بم سيشعر ذلك الممثل الذي يحضنها لو علم أنها [مجنونة]؟»
على ما يبدو أنه ما من شيء يدغدغ قلب «أكيمي» مثل أنها الوحيدة التي تعرف ذلك الوضع المدمر دون الجميع في مدينة طوكيو الواسعة.
أحسست بالاشمئزاز من حالة أكيمي تلك، ولكن على الأقل فإن انشغالها تماما بأمر تلك الممثلة، أنقذني من إزعاجها المستمر لي بخصوص «ريكو». ولكن عند التفكير في الأمر جيدا أجد أن أكيمي لم تكن تقول لي كلاما مزعجا على الدوام بشأن «ريكو». ولكن ربما كانت أكيمي تشعر بالعداوة تجاه ريكو؛ لأنها كلما نطقت اسم ريكو أمامي، تبرز صورة ريكو في ذهني وتلمس بقوة عصبا حساسا داخلي.
بالإضافة إلى فرحتي بوصول التحليل النفسي لريكو أخيرا إلى النقطة الحاسمة، فقد كان لدي أمل كبير في أنه عندما تأتي ريكو للعلاج المرة القادمة، سيكون وجهها مشرقا ولن يكون بها أثر لتلك الرجفة بتاتا. وكذلك كنت كل ليلة أواظب على قراءة المراجع العلمية والأبحاث، وأمنيتي أن نتيجة علاجي لها بطريقة التحليل النفسي، ربما تضيف اكتشافا جديدا لم يخطر لي ببال من قبل.
Shafi da ba'a sani ba