Matsalar Kimiyyar Dan Adam
مشكلة العلوم الإنسانية: تقنينها وإمكانية حلها
Nau'ikan
12
على أن علم النفس المعرفي ليس رفضا هجوميا للسلوكية، بل هو بالأحرى استيعاب وتجاوز أو حتى امتداد أنضج لها، إن السلوكية ذات فضل عظيم في تنمية الدراسات النفسية الإحصائية، والمعرفيون يرون ثورتهم انعكاسا لتطور العلوم الإحصائية - لكن لأنها تنشئ نوعا جديدا من المرونة الفكرية، وامتدادا لاستراتيجيات البحث، مدركين أنهم على طريق التقدم الجوهري الذي سيؤدي إلى بصيرة وفهم لهما قيمتهما النظرية والعلمية على حد سواء،
13
إن علم النفس المعرفي من أكثر التطورات في العلوم الإنسانية استجابة واستفادة من الإبستمولوجيا العلمية المعاصرة؛ لذلك كان انتصارنا له منذ بداية هذا البحث؛ ولذلك أيضا كانت الإمكانات التقدمية المتاحة أمامه أفسح وأخصب - كما سبق أن أشرنا. •••
الخلاصة أن الإبستمولوجيا العلمية المعاصرة - التي هي لاحتمية تعني انقلابا جذريا على الإبستمولوجيا الحديثة الكلاسيكية - التي كانت حتمية، و«أن هذا التحول الجذري قد أدى إلى تقارب كبير في المنهج بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية، وإذا ما كان هذا التقارب قد بدأ أيضا بتحرك العاملين في مجال العلوم الرياضية، فإن الصياغة الجديدة لعلم الطبيعة، والتي تتبلور الآن أمام أعيننا قد أظهرت أن النظم المعقدة التي تدرسها العلوم الإنسانية، ليست أكثر تعقيدا من النظم الطبيعية، لقد كانت المحاولات الأولى لإحداث التقارب بين مجالي المعرفة أسيرة العلم الطبيعي التقليدي بموضوعيته وحتميته»،
14
ومن ثم كان تعثرها عبر الفجوة المذكورة آنفا، وكما أوضحنا التأمت، وبعد النسبية والكمومية الجديدة واللاتعين والميكانيكا الموحية ... اتضح أن الظواهر الطبيعية ليست مطردة ولا متجانسة كما كان يظن، وبعد الشوط الذي أحرزته العلوم الإنسانية - لا سيما في الدراسة الوصفية - اتضح أن ظواهر العلوم الإنسانية ليست متغايرة كما كان يظن، أي أن الطبيعة النوعية المعقدة لموضوع الدراسة لم تعد تحول بين العلوم الإنسانية وبين الاستفادة من إمكانات تقدمية كالمتاحة منطقيا أمام العلوم الطبيعية، ولا العلاقة بين الباحث وموضوع البحث في العلوم الطبيعية بأصفى وأنقى وأبسط منها في العلوم الإنسانية.
هكذا تستوعب الإبستمولوجيا العلمية المعاصرة - لمن شاء واستطاع استيعابها - عاملي مشكلة العلوم الإنسانية، وتفتح الطريق للخروج منها، وتفتح الطريق لتحقيق درجة التقدم المنشودة فيها في المرحلة التفسيرية على ضوء الخاصية المنطقية المميزة للعلوم الطبيعية.
سوف نعرج الآن بالخاصية المنطقية على تفاعل العاملين معا، والذي ينجم عنه افتقاد المرحلة التفسيرية لتقنين منطقي أدق، المردود إلى أن الباحث مثقل بالأيديولوجيات القومية وأحكام الحس المشترك، ما يجعل أنساق النظريات في العلوم الإنسانية مفتوحة الطرفين؛ ولكي تتسع - بل لكي تتأتى إمكانات حل مشكلة العلوم الإنسانية - لا بد من الحيلولة دون تسرب أو اقتحام ما هو لاعلمي إلى داخل نسق العلم، وإذا كانت المؤثرات الخارجية والأيديولوجية قد أدت إلى تنازع العلماء، فحالت دون تكامل التفسيرات، ودون التآزر المتوازن بين التنظير والتجريب، فإن المنطق معامل موضوعي مشترك، كفيل بالجمع بين العلماء وتحقيق التآزر المنشود.
هوامش
Shafi da ba'a sani ba