Matsalar Kimiyyar Dan Adam
مشكلة العلوم الإنسانية: تقنينها وإمكانية حلها
Nau'ikan
9
حين البحث في الظواهر الإنسانية. وهذا ما اصطلحنا على أنه افتقار العلوم الإنسانية إلى التقنين المنطقي (لا سيما في المرحلة التفسيرية).
العامل الأول المختص بطبيعة العلاقة بين الباحث وموضوع البحث يتعلق بمنطق العلم من حيث تحديد وإحكام البنية المنطقية لصوغ الفروض ومحكات قبولها، أو تعديلها، أو رفضها بموضوعية تنأى عن التحيز والهوى والإسقاطات اللاعلمية. العامل الثاني المختص بنوعية الظاهرة الإنسانية يتعلق بمنهج العلم الإخباري، أصوليات البحث التجريبي في تعامله مع الظاهرة. والمفروض أن دراستنا هذه تنصب على منطق العلم، فتحمل إمكانية درء العامل الأول، لكن التساوق المنطقي المنهجي يلزمنا بالعروج على منهج العلم ... منطق المنهج التجريبي في أكثر تطوراته حداثة التي تكشفت في ضوء ثورة العلم في مطالع القرن العشرين، ثورة النسبية والكوانتم.
وبالصورة المعاصرة لمنطق المنهج التجريبي سنلقى الطريق مفتوحا أمام إمكانية درء العامل الثاني. بهذا وذاك تتأتى إمكانيات حل مشكلة العلوم الإنسانية، على ضوء الخاصة المنطقية المميزة للعلوم الطبيعية وتساوقها
10
المنهجي. إن التحديد الدقيق لهذه الخاصة، وإيضاح مدى قدرتها على الإحاطة بمنطق النظرية العلمية الإخبارية، وما يستتبعها من فصل القول في إشكالية المنهج التجريبي، هذا من شأنه أن يرسم مشروعا واعدا، أو على الأقل يشق طريقا ممهدا لتحقيق الإحكام المتحقق في مباحث العلوم الطبيعية.
على أن الفصل بين عاملي المشكلة وأسلوبي معالجتها يكاد يكون مبدأ تنظيميا لهذه الدراسة فحسب، فهما في واقع الأمر أو واقع العلم ليسا منفصلين بهذه الحدة، وليس العامل الثاني في حد ذاته مقطوع الصلة بمنطق العلم. لو بدأنا منه؛ أي من نوعية الظاهرة الطبيعية الإنسانية، فسوف نلقى اختلافها وتميزها عن الظاهرة الطبيعية - أي تلك النوعية الخاصة - إنما تتمثل في أنها تختص بعنصر الوعي كثير المتغيرات، شديد التعقيد. وهذا في حد ذاته يمكنه أن يفضي بنا إلى قلب منطق العلم توا.
ذلك أنه تبعا لمنطق العلم - وليس تاريخ العلم - وعلى وجه التحديد تبعا لقاعدة العمومية
generality
المنطقية، ولا بد أن نسلم بالتقسيم أو التصنيف المبدئي للعلوم الإخبارية إلى ثلاث مجموعات كبرى، متدرجة منطقيا تبعا لدرجة عمومية موضوعها، وهي درجة تتناسب تناسبا عكسيا مع درجة تعقيده (أي تناسبا طرديا مع درجة البساطة). هذه المجموعات الثلاث - بالطبع بعد مجموعة أو نسق العلوم الصورية علوم المنطق والرياضيات - هي أولا مجموعة العلوم الطبيعية أو الفيزيوكيميائية، وثانيا مجموعة العلوم الحيوية أو البيولوجية. هاتان المجموعتان يمكن أن تندرجا معا في مجموعة علوم المادة - الجامدة والحية - وليقابلا معا المجموعة الثالثة وهي مجموعة العلوم الإنسانية.
Shafi da ba'a sani ba