Matsaloli da Baƙi
مشكلات مع الغرباء: دراسة في فلسفة الأخلاق
Nau'ikan
فالحركة الهادفة لزرع القيم الأخلاقية في الذات الإنسانية هي ذاتها ما قد يقوضها. كما أنه بمحاولة إضفاء الطابع الديمقراطي على الأخلاق (بما أن كل الناس يمكنهم الشعور بالتعاطف التلقائي) هناك خطر بيلاجياني بجعل الفضيلة سهلة وفطرية أكثر مما يجب، فتكون كالتنهد أكثر من كونها صراعا، فهذا الصلاح اليسير هو رد أرستقراطي على القيم غير المحبوبة للبيوريتانيين في الطبقة الوسطى الدنيا بإصرارهم الراسخ على الانضباط الذاتي والهمة؛ فالنبيل لا يصارع ضميره كما لا يصارع خادمه؛ لكن الطبقة الوسطى البروتستانتية لا يرضيها مثل هذا التساهل الأخلاقي، فكما أشارت الكاتبة إليزابيث كارتر في القرن الثامن عشر بحدة: «إن مجرد الشعور بموجة مفاجئة من التعاطف عند رؤية شيء في محنة لا يعد ضربا من الخير أكثر من التعرض لنوبة نقرس.»
30
لا شك أن كارتر وكيركجارد لهما وجهة نظر؛ وجهة نظر ربما تبناها أيضا (كما سنرى لاحقا) شايلوك الشخصية التي صنعها شكسبير؛ فقضية الأخلاق أهم كثيرا من أن تترك لطيبة القلب المتقلبة للقادرين على أن يكونوا لطفاء؛ فالضعفاء يحتاجون إلى رباط مادي أو قواعد للالتزام لتحميهم؛ أي، نص محدد يمكن أن يلوحوا به عندما ينقلب عليهم الكبار. فالقيم المحكومة بقواعد قد تبدو أقل قبولا مقارنة بتلك التي تنتج عن نزعة داخلية، إلا أن المقصود منها هو أن عليك التعامل بإنسانية مع الآخرين مهما كان ما تشعر به، كما أن المقصود منها هو أن الأخلاق تتعلق بالفعل لا بالشعور، والتعاطف غير المصحوب بوهج متقد يظل تعاطفا. لكن المؤمنون بالثنائية الأخلاقية وحدهم يزعمون أن قلوبهم تمتلئ بالحب وهم يشوون الحمل على النار. •••
ترتبط الأخلاق الخيالية التي يشملها مذهب «الحس الأخلاقي» الخاص بالقرن الثامن عشر بالفكرة القديمة المبتذلة المشكوك فيها بأن الإيثار قد لا يعدو كونه انحرافا عن الأثرة، فكما أنه من الصعب في سياق النظام الخيالي تحديد أي المشاعر تنتمي للنفس وأيها للآخر، فكذلك من الصعب - ربما من المستحيل في النهاية - معرفة ما إذا كان سرور النفس بسرور الآخر يرتبط بالآخر أم بالنفس، فمنظومة الأخلاق التي تعتبر التعاطف مع الآخرين هي نوع شبه حسي من إرضاء الذات يجب أن تطرح السؤال عما إذا كان هدفها الحقيقي هو التعاطف المنكر للذات أم إرضاء الذات الأناني، فماذا إن كنت مسرورا بإحساني - باعتباره نسخة مثالية من نفسي - كما يفتتن الطفل بصورته في المرآة المتماسكة ظاهريا؟ يذكرنا هذا بشخصيات ديكنز المخيفة الفاعلة للخير بداية من براونلو حتى بوفين التي تخفي مظاهرهم الفجة قلوبا رقيقة، والتي تثير فيهم صرامتهم العاطفية إثارة أقرب لأن تكون جنسية. يشبه ريتشارد ستيل الروح العطوفة التي تذوب شفقة على أخرى بالعاشق الذي «يرق» للجمال. وفي ثناء لورنس ستيرن العاطفي على «الشهوة المهيبة لفعل الخير»، هل كان التأكيد على «الشهوة» أم على «الخير»؟
يرى الفيلسوف سي إس بيرس أن هذه في الحقيقة إشكالية وهمية؛ فالقول إننا نفعل ما نفعل من أجل اللذة في رأيه لا يختلف عن القول إننا نرغب في فعل ما نفعل.
31
ويرى توماس هوبز - في تهكم مميز - الشفقة على الآخرين من منظور أناني بحت باعتبارها «تخيلا أو تصورا لكرب مستقبلي يصيبنا، نابعا من الشعور بكرب إنسان آخر.»
32
فهي تذكير لأصحاب الاتجاه الرومانسي بأن الخيال ليس ملكة خيرة بالكامل بأي حال. ويكتب معلق آخر أقل تهكما هو أمارتيا سن قائلا: «من الممكن القول إن السلوك المبني على التعاطف من ناحية مهمة أناني، لأن الفرد يسر لسرور الآخرين ويتألم لألمهم، وبذلك قد تتيسر منفعة الشخص من خلال التعاطف.»
33
Shafi da ba'a sani ba