20

Matsaloli da Baƙi

مشكلات مع الغرباء: دراسة في فلسفة الأخلاق

Nau'ikan

23

والعقبة هي أنه قد لا يوجد الآن أي تفسير عقلاني للرحمة أو الكرم، كما كان الحال مع سبينوزا؛ فليس ثمة أساس منطقي براجماتي وراءها؛ إذ من المرجح أن رقة القلب هذه - كما توحي أعمال هنري فيلدنج - ستنتهي بصاحبها بالتعرض لمأزق شديد بدلا من أن توفر له الفوز بضيعة أو بمنصب وزاري في الحكومة. وهذا هو السبب في أن فيلدنج يثني على فضيلة أبطاله بينما يتهكم عليها ساخرا في الوقت نفسه؛ حيث إنها في مثل هذا المجتمع الوحشي لن تبدو إلا ساذجة.

لكن كذلك لا يوجد أي تفسير عقلاني لتذوق ثمرة خوخ أو استنشاق عبير زهرة، وهي تجارب يبدو أنها (كنوبة شفقة أو نفور أخلاقي مفاجئة) تحمل تفسيراتها في ذاتها؛ إذ هي فورية لا تقبل الجدل. وإذا لم يمكننا أن نؤسس للفضائل بأساس منطقي - مثلما سعى الفلاسفة الأخلاقيون أمثال صامويل كلارك وويليام وولاستون - فربما يرجع ذلك إلى أنها أساسية في ذاتها، وجزء لا يتجزأ من الجسم كالكبد والبنكرياس. ربما تشبه من هذا المنطلق الذوق الجمالي أو شيء لا يمكن وصفه لم نعد بحاجة لأن نعرف المزيد عنه؛ فربما يحمل الذوق والحكم الأخلاقي - مثل الرب والأعمال الفنية - أسباب وجودهما في ذاتهما. بالتأكيد يبدو أن فرانسيس هتشسون قد اعتقد ذلك؛ فإن سئل، بحسب قوله، عن السبب في استحساننا للخير العام، فسيجيب: «أتصور أننا لن يمكننا أن نجد «أي سبب» في هذه الحالات أكثر مما يمكننا أن نجده في حبنا لأي فاكهة لذيذة.»

24

فالتفسيرات - كما يعلق فتجنشتاين - يجب أن تنتهي في مرحلة معينة؛ فهي بالنسبة لهتشسون تصل إلى طريق مسدود، بتعبير فتجنشتاين، عندما تصل إلى فكرة معنى أخلاقي هو جزء من طبيعتنا المادية بقدر العطس أو الابتسام.

في كل الأحوال، يبدو أن «جيد» و«سيئ» كلمتان لهما حد، بمعنى أننا إذا استطعنا أن ندعم مثل هذه الأحكام بأسباب غير أخلاقية - كما يزعم العقلانيون أنه واجب علينا - فقد يظل من الممكن دائما أن يزحزح السؤال خطوة أخرى ليكون عن السبب الذي يجعل هذه الأسباب بدورها أسبابا وجيهة، أو لماذا يظن من الجيد الاقتداء بها. فالسؤال يتعلق جزئيا بالدافع، كما قد يوحي أصل كلمة حب الخير باللغة الإنجليزية

Benevolence ، فهتشسون وهيوم وزملاؤهما يخاطبون حضارة ترى أن ما تظنه حقيقيا هو بوجه عام ما يتم الشعور به من خلال النبضات أو العينين، وتشعر بالتبعية بشك طبيعي في التصرف وفقا لمبدأ مجرد. يقول هيوم عن صور الفضيلة القديمة: «إن الفضيلة التي تفصلها عنا تلك المسافة كالنجم الثابت الذي رغم أنه قد يبدو لعين العقل لامعا كما الشمس بعد توسطها في كبد السماء، فإنه على نحو لا متناه أبعد من أن يؤثر في الحواس سواء بالضوء أو بالحرارة.»

25

فمثل تلك المثل الباهرة الخالية من المشاعر تعوزها القوة النفسية. وفيما يتعلق بالدوافع، فإن فلسفة هتشسون وأدب ديفو ينتميان لنفس الوسط الثقافي، فإن أراد أحد أن يجري استقصاء للدوافع الإنسانية بكل تعقيداتها البراجماتية، استقصاء يغوص في أكثر خبايا النفس عمقا، فسينتهي به الحال على الأرجح بكتابة رواية.

كما أنه في ظل مجتمع تبدو فيه الفضيلة شحيحة، ولا يكاد ما بقي منها يتمتع بأي سحر (حسن التدبير والحكمة والعفة والانضباط الذاتي والطاعة والزهد والمواظبة والاجتهاد وغيرها)، فإن الأرجح أن الرجال والنساء في حاجة إلى دافع لحسن التصرف أقوى نوعا ما من الحرص العقلاني على تناغم النظام الكوني؛ فبمجرد أن يتحول حسن الخلق إلى تقليد اجتماعي رتيب، يحتاج الإنسان لمزيد من الحوافز من أجل الالتزام به. على أي حال، ما معنى الزعم بأن أسباب الفضيلة التي يقدمها العقلانيون تتمتع على نحو خاص بقوة أخلاقية؟ ما المبهر، على سبيل المثال، في الاتفاق مع طبيعة الكون؟ تصور الكثير من الأخلاقيين أن الحياة السعيدة تكمن في القيام بالعكس تماما.

Shafi da ba'a sani ba