260

Ƙananan Ganye na Zinariya da Ma'adinan Jawahir

مروج الذهب ومعادن الجوهر

ولما بنت قريش الكعبة ورفعت سمكها وتأتى لها ما أرادت في بنيانها من الخشب الذي ابتاعوه من السفينة التي رمى بها البحر إلى ساحلهم التي بعث بها ملك الروم من القلزم من بلاد مصر إلى الحبشة، لتبنى هنالك له كنيسة ، وانهوا إلى موضع الحجر على ما ذكرنا وتنازعوا أيهم يضعه، فاتفقوا أن يرضوا بأول من يطلع عليهم من باب بني شيبة، فكان أول من ظهر لأبصارهم النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك الباب، وكانوا يعرفونه بالأمين؛ لوقاره وهديه وصدق اللهجة، واجتنابه القاذورات والأدناس، فحكموه فيما تنازعوا فيه، وانقادوا إلى قضائه، فبسط ما كان عليه من رداء، وقيل: كساء طاروني، وأخذ عليه الصلاة والسلام الحجر فوضعه في وسطه، ثم قال لأربعة رجال من قريش - وهم أهل الرياسة فيهم، والزعماء منهم، وهم: عتبة بن ربيعه بن عبد شمس بن عبد مناف، والأسود بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وأبو حذيفة بن المغيرة بن عمرو بن مخزوم، وقيس بن عدي السهمي - ليأخذ كل واحد منهم بجنب من جنبات هذا الرداء، فشالوه حتى ارتفع عن الأرض، وأدنوه من موضعه، فأخذ عليه الصلاة والسلام الحجر ووضعه في مكانه وقريش كلها حضور، وكان ذلك أول ما ظهر من فعله وفضائله وأحك أمه .

فقال قائل ممن حضر من قريش متعجبا من فعلهم وانقيادهم إلى أصغرهم سنا: واعجبا لقوم أهل شرف ورياسة وشيوخ وكهول عمدوا إلى أصغرهم سنا؛وأقلهم مالا، فجعلوه عليهم رئيسا وحاكما!! أما واللات والعزى ليفوقنهم سبقا، وليقسمن بينهم حظوظا وجدودا وليكونن له بعد هذا اليوم شأن ونبأ عظيم.

وقد تنوزع في هذا القائل: فمن الناس من رأى أنه إبليس ظهر في ذلك اليوم في جمعهم في صورة رجل من قريش كان قد مات، وزعموا أن اللات والعزى أحيتاه لذلك المشهد، ومنهم من رأى أنه بعض رجالهم وحكمائهم ومن كانت له فطنة.

كسوة الكعبة

فلما استتمت قريش بناء الكعبة كستها أردية الزعماء، وهي الوصائل، وأعادوا الصور التي كانت مصورة في الكعبة، وأتقنوا شكل ذلك واحك أمه .

وكان أبو طالب حاضرا فلما سمع هذا الكلام من هذا القائل في النبي صلى الله عليه وسلم ، وما يكون من أمره في المستقبل، أنشأ يقول:

إن لنا أوله وآخره ... في الحكم العدل الذي لا ننكره

وقد جهدنا جهدنا ليغمره ... وقد عهدنا أوله وآخره

فإن يكن حقا ففينا أكثره

وكان من بناء الكعبة إلى أن بعثه الله صلى الله عليه وسلم خمس سنين، ومن مولده إلي يوم مبعثه أربعون سنة ويوم.

تحديد المولد

والذي صح من مولده عليه الصلاة والسلام أنه كان بعد قدوم أصحاب الفيل مكة بخمسين يوما، وكان قدومهم مكة يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة ثمانمائة واثنتين وثمانين من عهد ذ القرنين، وكان قدوم أبرهة مكة لسبع عشرة خلت من المحرم ولست عشرة ومائتين من تاريخ العرب،الذي وله حجة الغد ولسنة أربعين من ملك كسرى أنو شروان.

وكان مولده عليه الصلاة والسلام لثمان خلون من ربيع الأول من هذه السنة بمكة، في دار ابن يوسف، ثم بعد ذلك بنتها الخيزران أم الهادى الرشيد مسجدا وكان أبوه عبد الله غائبا بأرض الشام فانصرف مريضا، فمات بالمدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم حمل، وقد تنوزع في ذلك: فمنهم من قال: إنه مات بعد مولد النبي صلى الله عليه وسلم بشهر، ومنهم من قال: إنه مات في السنة الثانية من مولده.

نسب أمه عليه السلام

و أمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب.

وفي السنة الأولى من مولده دفع إلى حليمة بنت عبد الله بن الحارث لترضعه، وفي السنة الثانية من كونه في بني سعد كان أبو عبد الله يقول:

الحمد لله الله الذي أعطاني ... هذا الغلام الطيب الأردان

قد ساد في المهد على الغلمان ... أعيذه بالبيت ذي الأركان

وفي رواية أن عبد المطلب قال:

لا هم رب الراكب المسافر ... يحمد قلب بخير طائر

تنح عن طريقه الفواجر ... وحيه برصد الطواهر

واحبس كل حلف فاجر ... في عرج الريح والأعاصر

أحداث قبل النبوة

Shafi 279