Ƙananan Ganye na Zinariya da Ma'adinan Jawahir
مروج الذهب ومعادن الجوهر
قال المسعودي: ووجدت أهل الشحر من بلاد حضرموت وساحلها - وهي الأحساء مدينة على الشاطئ من أرض الأحقاف، وهي أرض الرمل وغيرها مما اتصل بهذه الديار من أرض اليمن وغيرها من عمان وأرض المهرة - يستطرفون أخبار النسناس إذا ما حدقوها، ويتعجبون من وصفه، ويتوهمون أنه ببعض بقاع الأرض مما قد نأى عنهم وبعد، كسماع غيرهم من أهل البلاد بذلك عنهم، وهذا يمل على عدم كونه في العالم، وإنما ذلك من هوس العامة واختلاطها، كما وقع لهم في خبر عنقاء مغرب وهذا يمل على عدم كونه في العالم ورووا فيه حديثا عزوه إلى ابن عباس، ونحن لم نحل وجود النسناس والعنقاء وغير ذلك مما اتصل به بهذا النوع من الحيوان الغريب النادر في العالم من طريق العقل. فإن ذلك غير ممتنع في القدرة، ولكن أحلنا ذلك لأن الخبر القاطع للعذر لم يرد بصحة وجود ذلك في العالم، وهذا باب داخل في حيز الممكن الجائز خارج عن باب الممتنع والواجب، ويحتمل هذه الأنواع من الحيوان الناعر ذكرها كالنسناس والعنقاء والعرابد وما اتصل بهذا المعنى أن تكون أ أنواعا من الحيوان أخرجتها الطبيعة من القوة إلى الفعل ولم تحكمه ولم يتأت فيه الضنع كتأتيه في غيره من الحيوان، فبقي شاذا فريدأ متوحشا ناعرا في العالم طالبا للبقاع النائية من البرمباينا لسائر أنواع الحيوان من الناطقين وغيرهم؛ للضدية التي فيه لغيره مما قد أحكمته الطبيعة، وعدم المشاكلة والمناسبة التي بينه وبين غيره من أجناس الحيوان وأنواعه، على حسب ما قدمنا في باب الغيلان فيما سلف من هذا الكتاب، وفي الإكثار مهن هذا خروج عن الغرض الذي إليه قصدنا في هذا الكتاب. وقد قدمنا فيما سلف من هذا الكتاب من الأخبار عمن زعم أن المتوكل أمر حنين بن إسحاق - أو غيره من أهل عصره ممن عني بهذا الشأن من الحكماء - أن يتأتى له ويحتال في حمل النسناس والعربد من أرض اليمامة، وأن حنينا حمل له شيئا من ذلك، وقد أتينا على شرح هذا الخبر فيمن أرسل إلى اليم أمه في حمل العربد وإلى بلاد الشحر في حمل النسناس في كتابنا أخبار الزمان والله تعالى أعلم بصحة هذا الخبر، وليس لنا في ذلك إلا النقل، وأن نعزوه إلى راوية، وهو المقلد بعلم ذلك فيما حكاه ورواه؛فننظمه على حسب ما يتأتى لنا نظمه في الموضع المستحق له، والله ولي التوفيق برحمته.
وأما ما ذكروه عن ابن عباس فهو خبر يتصل بخبر خالد بن سنان العبسي، وقد قدمنا فيما سلف من هذا الكتاب خبر خالد بن سنان العبسي، وأنه ذكر أنه كان في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، وذكرنا خبره مع النار وإطفائه لها.
العنقاء
فلنذكر الآن خبر العنقاء على حسب ما رووه، فلا بد من إعادة خبر خالد لذكرنا العنقاء واتصال الخبرين، ومخرج هذه الأخبار كلها عن ابن عفير.
حدث الحسن بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن عبد الله المروزي قال: حدثنا أسد بن سعد بن كثير بن عفير، عن أبيه عن جدة كثير، عن جد أبيه عفير عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله خلق طائرا في الزمان الأول من أحسن الطير، وجعل فيه من كل حسن قسطا، وخلق وجهه على مثال وجوه الناس، وكان في أجنحته كل لون حسن من الريش، وخلق له أربعة أجنحة من كل جانب منه، وخلق له يدين فيهما مخالب، وله منقار على صفة منقار العقاب غليظ الأصل، وجعل له أنثى على مثاله، وسماها بالعنقاء، وأوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران: إني خلقت طائرا عجيبا خلقته ذكرا وأنثى، وجعلت رزقه في وحش بيت المقدس، وآنستك بهما؛ليكونا مما فضلت به بني إسرائيل، فلم يزالا يتناسلان حتى كثر نسلهما، وأدخل الله موسى وبني إسرائيل في التيه فمكثوا فيه أربعين سنة حتى مات موسى وهرون في التيه وجميع من كان مع موسى من بني إسرائيل، وكانوا ستمائة ألف، وخلفهم نسلهم في التيه، ثم أخرجهم الله تعالى من التيه مع يوشع بن نون تلميذ موسى ووصيه، فانتقل ذلك الطائر فوقع بنجد والحجاز في بلاد قيس عيلان، ولم يزل هنالك يأكل من الوحوش ويأكل الصبيان وغير ذلك من البهائم إلى أن ظهر نبي من بني عبس بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم يقال له خالد بن سنان، فشكا إليه الناس ما كانت العنقاء تفعل بالصبيان، فدعا الله عليها أن يقطع نسلها فقطع الله نسلها فبقيت صورتها تحكي في البسط وغير ذلك.
وقد ذهب جماعة من ذوي الروايات إلى أن قول الناس في أمثالهم عنقاء مغرب إنما هو للأمر العجيب النادر وقوعه، وقولهم جاء فلان بعنقاء مغرب يريدون أنه جاء بأمر عجيب، قال شاعرهم:
وصبحهم بالجيش عنقاء مغرب
والعنق:السرعة
خالد بن سنان العبسي
قال ابن عباس من: وكان خالد بن سنان نبي بني عبس بشر برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما حضرته الوفاة قال لقومه: إذا أنا مت فادفنوني في حقف من هذه الأحقاف، وهي تلول عظام من الرمل، واحرسوا قبري أياما، فإذا رأيتم حمارا أشهب أبتر يدور حول الحقف الذي فيه قبري أياما فاجتمعوا ثم انبشوا قبري وأخرجوني إلى شفير القبر، وأحضروا لي كاتبا ومعه ما يكتب فيه حتى أملي عليكم ما يكون وما يحدث إلى يوم القيامة، وقال: فرصدوا قبره بعد وفاته ثلاثا ثم ثلاثأ ثم ثلأثا، فإذا الحمار يرعى حول الحقف قريبا من قبره واجتمعوا عليه لينبشوا كما أمرهم، فحضر ولده وشهروا سيبرفهم، وقالوا: والله لا تركنا أحدا ينبشه، أتريدون أن نعير بذلك غدا وتقول لنا العرب: هؤلاء ولد المنبوش؛ فانصرفوا عنه وتركوه، قال ابن عباس: ووردت ابنة له عجوز قد عمرت على النبي صلى الله عليه وسلم، فتلقاها خيرو أكرمها وأسلمت، وقال لها: مرحبا بابنة نبي ضيعه أهله قال شاعر بني عبس:
بني خالد لوأنكم إذ حضرتم ... نبشتم عن الميت المغيب في القبر
Shafi 257