197

Ƙananan Ganye na Zinariya da Ma'adinan Jawahir

مروج الذهب ومعادن الجوهر

فهؤلاء ولد نزار الأربعة: إليهم يرجع سائر ولد نزار على حسب ما قدمنا أن مضر الحمراء لما ذكرنا من أمر القبة، وبذلك تفتخر مضرة كل أمه ا من المنثور والمنظوم، وربيعه الفرس وربيعه القشعم من الفروسية والشجاعة والنجدة والعز وشن الغارات لما ذكرنا من أمر الفرس، وإياد و ذكرنا ما لحق عقبه، وأنمار وقد بينا الخلاف في تفرع نسله، وما قاله النسابون في عقبه. ولكل واحد من هؤلاء ومن أعقب أخبار كثيرة يطول ذكرها، ويتسع شرحها: من ذكر ما حلوا به من الديار، وتشعب أنسابهم وتسلسلها، أتى الناس على ذكرها، وقد قدمنا فيما سلف من كتبنا اليسير مبسوطها؛فمنعنا ذلك من إعادته في هذا الكتاب.

فلنذكر الآن الغرض من هذا الباب الذي به ترجم، وإليه نسب، من سكنى من حل البدو من العرب وغيرها من الأمم المتوحشة كالترك والكرد والبجة والبربر، ومن تقطن بالبراري وقطن الجبال، والعلة الموجبة لذلك من فعلهم.

علة سكنى البدو

تباين الناس في السبب الموجب لما وصفنا، فذهب كثير من الناس إلى أن الجيل الأول من سكن الأرض مكثوا حينا من الزمان لم يبنوا بناء ولا شيدوا مدنا، وكان سكناهم في شبه الأكواخ والمظال، ثم إن نفرا منها أخذوا في أبناء المساكن، وخلف من بعدهم خلف فابتنوا الأبنية، وثبت فرقة منهم على سجيتها؛ ولى في البيوت والإظلال ينتجعون الأماكن الرفهة الخصبة، وينتقلون عنها إذا أجدبت، فمضت هذه الطائفة على نهج الأقدمين.

وذكرت طائفة أن أول ذلك أن الناس لما نضب عنهم الطوفان الذي أهلك الله به الأرض في زمن نوح على نبينا وعليه السلام تفرق من نجا في طلب البقاع الخصبة المتخيرة، وانفرد من انفرد بانتجاع الأرضين وحلول البيداء، واستوطن آخرون بقاعا تخيروها، كمن ابتنى إقليم بأبل من النبط، ومن حله من ولد حام بن نوح عليه السلام مع نمروذ بن كنعان بن سنجاريب بن نمروذ الأول بن كوش بن حام بن نوح، وذلك حين تملك على إقليم بابل من قبل الضحاك، وهو بيوراسف وكمن حل بلاد مصر من ولد حام على حسب ما ذكرنا في باب مصر وأخبارها في هذا الكتاب وكمن عمر الشام من الكنعانيين، وكمن حل بوادي البربر وهم هوارة وزناتة وضريسة ومغيلة وورفجومة ونفزة وكتامة ولواتة ومزانة ونفوسة ولفظه وصدينة ومصمودة وزنارة وغمارة وقالمة ووارقة وأتيته وبابه وبنو سبخون وأركنة وهي من زناتة وبنو كلان وبنو مصدريان وبنو أفباس وزبحن وبنو منهوسا وصنهاجة، ومن سكن من أنواع الأحابيش وغيرهم الغابة المعروفة بغابة العافريم سون ورعوين والعورفة ويكسوم، ومنهم من سكن غير الغابة واتسع في هذه البلاد من المغرب.

وقد ذكرنا أن أرض البربر خاصة كانت أرض فلسطين من بلاد الشام، وأن ملكهم كان جالوت، وهذا الاسم سمة لسائر ملوكهم، إلى أن قتل داود عليه الصلاة والسلام ملكهم جالوت، فلم يتملك عليهم بعده ملك، وأنهم انتهوا إلى ديار المغرب إلى موضع يعرف بلوبية ومرافية، فانتشروا هنالك، فنزل منهم زنانة ومغيلة وضريسة الجبال من تلك الديار وتبطنوا الأودية، ونزلوا أرض برقة، ونزلت هؤارة بلاد إياس وهي بلاد طرابس المغرب أي الثلاث المدن، وقد كانت هذه الديار للافرنجة والروم قانجلوا عن البربر حين أوطنوا أرضهم إلى جزائر البحر الرومي فسكن الأكثر منهم جزيرة صقلية، وتفرقت البربر ببلاد إفريقية وأقاصي بلاد المغرب نحو من مسافة الذي ميل، وانتهوا إلى موضع يعرف بقبوسة، على أكثر آلفي ميل من بلاد القيروان، وتراجعت الروم والإفرنجة إلى مدنهم وعمائرهم وذلك على موادعة وصلح من البربر، واختارت البربر سكنى الجبال والأودية والرمال والدهاس وأطراف البراري والقفار.

ومن بحر إفريقية وصقلية يخرج المرجان، وهو المتصل ببحر الظلمات المعروف ببحر أقيانس، وغير هؤلاء ممن ذكرنا من الأمم من سكن قطع الأرض وابتنى المدائن شرقأ وغربا.

Shafi 216