183

Ƙananan Ganye na Zinariya da Ma'adinan Jawahir

مروج الذهب ومعادن الجوهر

ثم ملك بعده مسروق بن أبرهة، فاشتدت وطأته على اليمن، وعم أذاه ساير النأس، وزاد على أبيه وأخيه في الذي، وكانت أمه من آل ذى يزن، وكان سيف بن ذي يزن قد ركب البحار، ومضى إلى قيصر يستنجلى، فأقام ببابه سبع سنين، فأبى أن ينجد، وقال: أنتم يهود، والحبشة نصارى، وليس في الديانة أن ننصر المخلاف على الموافق، فمضى إلى كسرى أنو شروان فاستنجده ومت إليه بالقرابة، وسأله النصرة، فقال له كسرى: وما هذه القرابة التي أدليت بها إلي؟؛ فقال: أيها الملك الجبلة وهي الجلدة البيضاء ؛إذ كنت أقرب إليك منهم، فوعده أنو شروان بالنصرة على السودان وشغل بحرب الروم وغيرها من الأمم، ومات سيف بن ذي يزن، فأتى يعلى معد يكرب بن سيف، فصاح على باب الملك، فلما سئل عن حاله، قال: لي قبل الملك ميراث، فوقف بين يدي أنو شروان، فسأله عن ميراثه، فقال: أنا ابن الشيخ الذي وعده الملك بالنصرة على الحبشة، فوجه معه وهرز إصبهبذ الديلم في أهل السجون، فقال " إن فتحوا لنا، وإن هلكوا فلنا، وكلا الوجهين فتح، فحملوا في السفن في دجلة ومعهم خيولهم، وعددهم وأموالهم، حتى أتوا أبلة البصرة - وهي فرج البحر، ولم يكن حينئذ بصرة ولا كوفة، وهذه مدن إسلامية - فركبوا في سفن البحر، وساروا حتى أتوا ساحل حضر موت بموضع يقال له مثوب، فخرجوا من السفن، وقد كان أصيب بعضهم في البحر، فأمرهم وهرز أن يحرقوا السفن ليعلموا أنه الموت، ولا وجه يؤملون المفر إليه فيجهدون أنفسهم، وفي ذلك يقول رجل من حضر موت:

أصبح في مثوب ألف في الجنن ... من رهط ساسان ورهط مهرسن

ليخرجوا السودان من أرض اليمن ... دلهم قصد السبيل ذويزن

في شعر له طويل،، ونما خبرهم إلى ملك اليمن مسروق بن أبرهة، فأتاهم في مائة ألف من الحبشة وغيرهم من حمير - وكهلان ومن سائر من سكن اليمن من الناس وتصاف القوم، وكان مسروق على فيل عظيم، فقال وهرز لمن كان معه من الفرس: اصدقهم الحملة، واستشعروا الصبر، ثم تأمل ملكهم وقد نزل عن الفيل فركب جملا، ثم نزل عن الجمل فركب فرسا، ثم أنف أن يحارب على فرس فركب حمارا، استصغارأ لأصحاب السفن، فقال وهرز " ذهب ملكمه، وتنقل من كبير إلى صغير، وكان بين عيني مسروق ياقوتة حمراء معلقه - في تاجه بمعلاق من الذهب تضيء كالنار، فرمى وهرز، ورمى القوم، وقال وهرز لأصحابه: قد رميت ابن الحمارة، فانظروا إن كان القوم يجتمعون عليه ولا يتفرقون عنه فهو حي، وإن كان أصحابه يجتمعون عليه ويتفرقون عنه فقد هلك، فنظروا إليهم فرأوهم يجتمعون ويتفرقون عنه، فأخبروه بذلك، فقال: احملوا على القوم واصدقوهم فحملوا عليهم وصدقوهم؛ فانكشفت الحبشة وأخذهم السيف، ورفع رأس مسروق ورؤوس خواص الحبشة ورؤسائهم، فقتل منهم نحو ثلاثين ألفا، وقد كان أنو شروان أتشرط على معد يكرب شروطأ: منها أن الفرس تتزوج باليمن ولا تتزوج اليمن منها وفي ذلك يقول الشاعر:

على أن ينكحوا النسوان منهم ... ولا ينكحوا في الفارسينا

وخراج يحمله إليه فتؤج وهرز معد يكرب بتاج كان معه وبدنة من الفضة ألبسه إياها، ورتبه في ملكه على اليمن، وكتب إلى أنو شروان بالفتح، وخلف هناك جماعة من أصحابه.

وكان جميع ما ملكت الأحابش اليمن اثنتين وسبعين سنة، وكان ملك مسروق بن أبرهة إلى أن قتله وهرز ثلاث سنين، وذلك لخمس وأربعين خلت من ملك أنو شروان.

وأتت معدي كرب الوفود من العرب تهنئه بالملك، فأتاه عبد المطلب وجد أمية بن أبي الصلت، وقد ذكرنا خبر عبد المطلب ووفادته على ابن ذي يزن في هذا الكتاب فيما بعد، وما قيل من الشعر وفي مسير الفرس إلى اليمن ونصرتهم على الحبشة يقول بعض أولاد فارس:

نحن خضنا البحار حتى فككنا ... حميرا من بلية السودان

بليوث من آل ساسان شوس ... يمنعون الحريم بالمران

وببيض بواتر تتلالا ... كسنا البرق في فرى الأبدان

فقتلنا مسروق إذ تاه لما ... أن تداعت قبائل الحبشان.

Shafi 201