Ƙananan Ganye na Zinariya da Ma'adinan Jawahir

al-Masʿudi d. 346 AH
162

Ƙananan Ganye na Zinariya da Ma'adinan Jawahir

مروج الذهب ومعادن الجوهر

وكل ما ذكرنا من بلاد الأحابش ما كان من غربي اليمن وجدة والحجاز مما يلي بحر القلزم، فبلاد قشفة لا خير في أرضها، ولا شيء يحمل من ساحلها إلا ما وصفنا من الذبل والنمور وغيرهما، وكذلك ما عليه من ساحل الشحر وبلاد الأحقاف من ساحل حضر موت إلى عدن، فبلد لا خصب لأهله فيه، ولا يحمل من أرضهم في وقتنا إلا اللبان ويسمى الكندر، وهذا البحر اتصاله بالقلزم وهو عن يمين بحر الهند وإن كان الماء متصلا، وليس في البحار، وما ذكرنا من الخلجان مما احتوى عليه البحر الحبشي، أصعب ولا أكثر حيالا، ولا أسهك رائحة، ولا أقحط، ولا أقل خيرا في بطنه وظهره من بحر القلزم، وسائر البحر الحبشي تقطعه المراكب في إبان سيرها فيه بالليل والنهار، إلا بحر القلزم، فإن المراكب تسير فيه بالنهار، فإذا جن الليل أرست في مواضع معروفة كالمراحل المشهورة، والمنازل المعروفة، لكثرة جباله وظلمته ووحشته، وليس هذا البحر مما اتصل به من بحر الهند والصين وغيره في شيء، وهو بالضد من ذلك، لأن بحر الهند والصين في قعره اللؤلؤ، وفي جباله الجواهر، ومعادن الذهب والفضة والرصاص القلعي، وفي أفواه دوابه العاج، وفي منابته الآبنوس، والخيزران، والقنا، والبقم، والساج، والعود، وأشجار الكافور، والجوز، والقرنفل، والصندل، والأفاويه، والطيب، والعبر، وطيوره البباغي البيض والخضر، واحدها ببغة، ثم الطواويس وأنواعها في صورها واختلافها في الصغر والكبر ومنها ما يكون كالنعامة كبرا، وحشرات أرض الهند الزباد كالسنانير بأرض الإسلام كثيرة متخذة كالسنور، وأكثر ما يخرج من ضروعها الطيب المعروف بلبن الزباد، وهو نوع من الطيب عجيب، ثم ما يظهر في وقت من السنة من جباه الفيلة بأرض الهند ورؤوسها من العرق الذي هو كالمسك، والهند تراعي ظهور هذا الطيب في الفصل من الزمان الذي يكون فيه، فتأخذه وتجعله على بعض أدهانها الطيبة، فيكون أغلى طيبها والمستطرف عندها، والذي تستعمله ملوكها وخواصها لضروب من المنافع منها طيب الرائحة والتجمر الذي قد فاق على سائر الطيب عندهم، وما يؤثر في الإنسان عند شمه إياه واستعماله من ظهور الشبق من الرجال والنساء والطلب للباه والاغتلام والطرب و، النشاط والأريحية، وكثير من فتاك الهند وشجعانهم يستعمل هذا الدهن عند اللقاء والحرب، لأن ذلك عندهم مما يشجع القلب، ويقوي النفس، ببعثها على الإقدام، وأكثر ما يظهر هذا النوع من العرق في جباه الفيلة في ذلك الفصل من السنة في حال اغتل أمه ا وهيجانها؛ وإذا كان ذلك منها هرب عنها سو أسها ورعاتها، ولا تفرق بين من تعرف وغيره من الناس، وإذا وجد الفيل ما وصفنا سلك الأودية والجبل والغياض، وند عن بلده، وغاب عن وطنه؛ فإذا قدم على النوشان الذي هو الكركدن هرب حينئذ من الفيل، ولا يقيم في الموضع الذي هو فيه لأن الفيل عند ذلك بحال السكران لا يعقل ولا يميز بين الكركدن الذي كان يخافه قبل ذلك وغيره، فإذا خرج عنه ذلك الفصل من السنة واسترجع عاد إلى بلدة على مسيرة شهر وأكثر من ذلك، وهو في بقية من سكره، فيبقى نحو ذلك المقدار الذي كان هيجانه فيه عليلا، ولا يكون ذلك إلا في الفحول من الفيلة ذوى الجراءة منها والإقدام، وما ذكرنا من ظباء المسك وغير ذلك مما عنه أمسكنا من عجائبه وخيراته وفيما ذكرنا تنبيه على غيره.

وللهند خطب طويل في ظهور هذا النوع من الطيب في هذه الحالة من الفيلة، والفرق بينه وبين سائر أنواع الدواب وما يظهر من الفيل من الجزع عند ورود المياه من الغدران والأنهار للشرب إذا كان الماء صافي، فإنه يثيره ويكدره ويمتنع من شربه حين صفائه، وإن ذلك يوجد في أكثر الخيل إذا وردت الماء وكان صافيا ضربته بأيديها فكدرته فتشرب حينئذ، وتوافق الخيل الفيلة في المعنى دون سائر الحيوان، وإن ذلك لمشاهدة صورها في الماء لصقالته وصفائه، ولعلها تقصد زول ذلك عند كدر ما تضربه بأيديها؛ لعدم ظهور الصور فيه في حال الكدر، وإن الإبل الأغلب فنها يفعل ذلك، ولمعان غير ذلك مما وصفنا من أن ما عظم من الحيوان إذا رأى صورته منعكسة على صفاء الماء أعجبته لعظمها وحسنها وما بان به من حسن الهيئة عما دونه - من أنواع الحيوان، وليس شيء يفعل ذلك من الحيوان غير ما ذكرنا من الخيل والإبل والفيلة، وإن الفيل - مع عظم جسمه ولطافة نفسه وخفة روحه وحسن تمييزه والتفرقة بين وليه وعدوه من الناطقين وغيرهم وقبوله الرياضة - يمتنع من الأنثى كما تمتنع النوق إذا لقحت، وليس شيء من الدواب يمتنع من السفاد من الإناث عند حملها إلا الفيلة والإبل، وهذا باب إن نحن تقصيناه وذكرنا ما فيه طال به الكتاب، وخرج عن حد الاختصار والإيجاز. وقد أتينا على وصف جميع ذلك في كتاب أخبار الزمان وغيره من كتبنا، فلنذكر الآن أنواعا من ولد يافث بن نوح ؛ إذ كان قد قدمنا فيما سلف من هذا الكتاب كثيرا من ذكر الأمم مع اختلاف ألوانهم، وتباينهم في ديارهم، واختلافهم في أحوالهم، إن شاء الله تعالى.

Shafi 180