فصل
إذا جمعت الاسم المؤنث الجمع الصحيح زدت عليه ألفًا وتاء، ويكونان بمجموعهما علامة الجمع والتأنيث معًا كقولك: مسلمة ومسلمات، وقائمة وقائمات. والتاء حرف الإعراب، فإذا رفعت هذا الجمع، ضممتها، وألحقتها تنوينًا يكون بإزاء النون في مسلمين، لا أنه علامة للصرف في قول الجمهور، وإن جررته كسرت التاء، وإن نصبته كسرتها أيضًا، فقلت: مررت بمسلمات ورأيت مسلمات، فحملت النصب على الجر، وإن كان فتح التاء ممكنًا، لكن عدلوا عن فتحها مع إمكانه حملًا للفرع على الأصل فيما لزم الأصل من الحكم، وذلك أن المؤنث فرع على المذكر، فجمعه فرع على جمعه، والجمع الصحيح المذكر قد استقر أن نصبه محمول على جره، فهما مشتركان في الياء، فشركوا بين نصب الجمع المؤنث الصحيح وجره في الكسرة ليجري الفرع على حكم الأصل، فتكون عدة أحواله كعدة أحواله، ولئلا يكون الفرع أوسع تصرفًا من أصله.
فأما ما لا ينصرف، فحكمه في حمل الجر على النصب عكس حكم التثنية والجمع، وذلك أن الاسم الذي لا ينصرف لما أشبه الفعل من وجهين أو من وجه قوي لازم قائم مقام وجهين جذبه الفعل إلى حيزه فثقل لشبهه بالفعل، فمنع العلامة الدالة على الخفة والتمكن- وهي التنوين- فحذف، ثم تبعته حركة الجر في الحذف لأنهما خاصتان للاسم وبه، فتبعت إحداهما الأخرى في الحذف كما صحبتها في الاختصاص.
ولما حذفت حركة الجر فيه- أعني ما لا ينصرف من الأسماء- عاقبتها حركة النصب فدلت على ما كانت تدل عليه، إذ لابد لعامل الجر من تأثير يؤثره وهو الإعراب، إذ الاسم- وهو معمول الجار- معرب.
فإن أمن دخول التنوين عليه ولحاقه الاسم عاد الجر وجرى عامله على أصله في تأثيره الخاص به، لأن الجر انحذف تبعًا للتنوين، ولا تنوين مع الألف
1 / 71