فإن كسر منها شيء، مع ذاك، أعني التصحيح، كالبرى في جمع البرة، فلأن التكسير بابها، ولأن ما حملت عليه قد جاء في جمعه الأمران: الصحة والتكسير، فلا يستنكرون ذلك فيها، وربما جاء ذلك فيما لم تحذف لامه، مما لا نطيل بذكره وتعليله هذا المختصر. وكذا حملوا على صفاتهم، أعني العاقلين المذكرين إذا قلت: المسلمون والمسلمين والضاربون والضاربين حين تقول بالقوم الضاربين، صفات لأسماء ليست عندهم لما يعقل، أجريت مجرى العاقلين في إسناد الأفعال التي لا تقع إلا من مميز إليهم وذلك كإسناد السجود إلى النجوم في قوله ﷿ ﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ (١) فقال ساجدين، ولم يقل ساجدات كما قال رأيتهم ولم يقل رأيتها ولا رأيتهن.
فهذا الجمع نظير إسناد الفعل إليها في الآية الأخرى، وهي قوله ﷿ "كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" (٢)، ولم يقل يسبحن، وعلى هذا الاستعمال قال الشاعر:
(..................... ... إذا ما بنو نعش دنوا فتصوبوا) (٣)
_________
(١) [يوسف ١٢: ٤] ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾.
(٢) [الأنبياء ٢١: ٣٣] ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾.
(٣) قائلة النابغة الجعدي "قيس بن عبد الله" (.. - نحو ٥٠/ ٦٧٠). تصوبوا: انحدروا، تمززتها: شربتها قليلًا قليلًا.
الديوان: ١٠، الكتاب ١/ ٢٤٠ مجاز القرآن ٢: ٨٣ و٩٣ وصدره فيه:
شربت إذا ما الديك يدعوا صباحه.
العمدة ٢: ٢٨٢، والصحاح واللسان والتاج (تعش) وصدره فيها:
تمززتها والديك يدعو صباحه.
شرح المفصل ١: ٧٠٠، مغني اللبيب ١: ٤٠٤ وصدره فيه: شربت بها والديك يدعو صباحه. الشاهد فيه تذكيره الفعل المسند إلى بنات نعش لإخباره عنها بالدنو والتصوب كما يخبر عن الآدميين. وصف النابغة خمرًا باكرها بالشرب عند صياح الديك ودنو بنات تعش للغروب.
1 / 64