والأصل في الجر إذا قلت: مررت بأبيك وأخيك: مررت بأبوك وأخوك، على ما أصلنا، ثم أسكنت ما قبل الواو لتحركه بحركة الإتباع وهي الكسرة فكسرته، ثم حذفت حركة الإعراب، استثقالا لها على الواو مع الإتباع قبلها كما استثقلت الضمة عليها في حال الرفع فحذفتها كما حذفتها فصار معك واو ساكنة قبلها كسرة، إذ اللفظ قد آل بالتغيير المذكور إلى صورة هي مررت بأبوك، فانقلبت الواو ياء كما انقلبت في ميعاد وميقات، وذاك لسكونها وانكسار ما قبلها، ولتصير حالها إلى ما يطلبونه من التوطئة (فآل اللفظ إلى: مررت بأبيك وأخيك.
وإذا نصبت فقلت: رأيت أباك، فالأصل أبوك، ثم انقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، والقياس أن تكون الفتحة في الباء فتحة إتباع لحركة الواو، لا الفتحة التي هي أصل في الكلمة وإن كان اللفظ واحدًا، وليستمر الباب في الإتباع استمراره في امرئ في الأحوال الثلاث، فقد تراعي اللغة مثل هذا كثيرًا ومقاييسها تنطق به. وأعلم أن ما ذكرناه من هذا التغيير والإتباع هو مذهب صاحب الكتاب على ما يفهم) (١) من كتابه (٢).
وقال ابن برهان حين ذكر هذا الفصل، وأشار إلى الإتباع فيه: "وقد ظهر التابع والمتبوع في قولهم: هذا امرؤ" (٣)، ومثل كما مثلنا في الأحوال الثلاث.
_________
(١) ما بين قوسين ساقط من (ب).
(٢) انظر الكتاب ١: ١٥٨.
(٣) لم أعثر على قول ابن برهان هذا في الكتب التي رجعت إليها.
1 / 56