فصل
واعلم أن الاسم والفعل يشتركان في إعرابهما بالرفع والنصب، فالاسم يرتفع وينتصب والفعل كذلك، لكن الجهات التي يرتفع منها الاسم وينتصب غير الجهات التي يرتفع منها الفعل وينتصب، لأن عوامل ذا غير- عوامل ذا، وستبين- إن شاء الله. ثم يختص الاسم بالجر والفعل بالجزم، فلا ينجر فعل ولا ينجزم اسم، وعلة ذلك أن الجر يدخل الأسماء من طريقين: حروف الجر والإضافة، وكلاهما يمتنع منه الفعل. أما حروف الجر، فإنهما تدخل في الأصل معدية للفعل الذي يقصر عن التعدي بنفسه إلى المفعول، والأفعال لا تكون مفعولة، فبطل دخول حرف الجر عليها، ولا يضاف إليها لأن- المضاف إليه إما أن يعرف تعريفًا محضًا، وأما أن يخصص فيقرب من المعرفة، والأفعال لا تعرف ولا تخصص، إذ كانت على ما أصلت النحاة نكرات لا تتعرف أبدًا ما دامت أفعالا.
وأما امتناع الأسماء من أن تنجزم، فلأن الجزم يكون بحروف موضوعة لمعان تصح في الأفعال ولا تصح في الأسماء كالشرط والأمر والنهي، فلما امتنعت حروف الجزم من الدخول على الأسماء إذ كانت لا تصح معانيها فيها امتنع انجزامها، لأن الجزم تأثير، ولا يكون تأثير من غير مؤثر.
1 / 52