﵉، وقدم قصته: ﴿وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾ (١) [مريم: ١٥]، ثم ذكر بعده عيسى ﵇ فقال حاكيًا عنه ﴿وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾ (٢) [مريم: ٣٣]، لأن السلام قد سبق ذكره في تلك القصة منكرًا، فأعاده سبحانه في القصة التي تليها معرفًا، ويكشف عن هذا القصد أن النكرة إذا أعيدت بلفظها فظاهر الاستعمال يعطي أنها غير الأولى، كقول القائل: أخذت درهمًا، وأعطيت درهمًا، فظاهر الأمر أن يكون مراده أنني أعطيت مثل ما أخذت لا هو بعينه، وإن كان غير ممتنع أن يكون قد أخرجه بعينه. ويشهد لذلك قوله ﷿ ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ (٣) [الشرح: ٥ - ٦] حين قيل في معناه "لن يغلب عسرٌ يسرين" (٤) ومعلومٌ أن العسر مكرر في الآية مرتين كما أن قوله يسرا مكررٌ مرتين.
فلولا أن المعرف باللام إذا كرر لفظه أعطى أنه الأول بعينه،
(١) مريم ١٩: ١٠.
(٢) مريم ١٩: ٣٥.
(٣) الانشراح ٩٤: ٥ و٦.
(٤) حديث ضعيف بسط القول فيه الحافظ السخاوي (٨٣١/ ١٤٢٧ - ٩٠٢/ ١٤٩٧) في المقاصد الحسنة: ٣٣٨. وفي إعراب ثلاثين سورة القرآن من ١٢٧ أنه لابن عباس وروايته هناك "لا يغلب يسرين عسر واحد".