زين الدين عثمان بن الموفق موفق الدين أبو محمد بن عبد الرحمن، ابن الشيخ أبي الحرم مكّي بن عثمان الشارعي الشافعي (ت ٦١٥ هـ)، وينتهي نسبه إلى سعد بن عبادة الأنصاري. ويطلق عليه أيضًا زين الدين عثمان بن الموفق، أو موفق الدين بن عثمان و.... هذا ولم نقف على ترجمة مفصلة عن حياته، في المصادر الموجودة، وقد أهملته كتب التراجم المعروفة، ولم يُذكر عنه سوى أنه فقيه، اشتغل بالوعظ، وله شعر، وكان صديقًا للحافظ المنذري. وكان معاصرًا لأبي العباس شمس الدين بن خلكان، صاحب وفيات الأعيان، وعمر بن الفارض، وأبي القاسم الشاطبي، والقاضي الفاضل، وغيرهم من الشخصيات الفذة الذين كانوا أعلام زمانهم. وكانت وفاة عثمان بن الموفق في الرابع والعشرين من شهر رجب سنة ٦١٥ هـ، ودفن في مقبرة بني عثمان

Shafi da ba'a sani ba

[الجزء الاول] بسم الله الرّحمن الرّحيم €

المقدمة / 4

تقديم بقلم الدكتور/ حسن الباشا منذ أن أسّست مدينة الفسطاط على يد عمرو بن العاص رضى الله عنه فى سنة ٢١ هـ (٦٤٢ م) صار سفح المقطم فى شرقيها مقبرة لموتى أهلها، واتسعت الفسطاط بتأسيس مدينة العسكر سنة ١٣٥ هـ (٧٥٢ م) على يد الأمير «أبى عون» والى العباسيين، ثم زاد اتساعها بتأسيس مدينة القطائع فى سنة ٢٥٦ هـ (٨٧٠ م) على يد أحمد بن طولون، واتصلت المدن الثلاث، وصار يطلق عليها جميعا مدينة الفسطاط، أو مدينة مصر، ثم أسست القاهرة فى سنة ٣٥٨ هـ (٩٦٩ م) على يد جوهر الصقلى قائد الخليفة المعز لدين الله الفاطمى. ولم يلبث أن انتشر العمران خارج القاهرة وما بينها وبين الفسطاط، وظهرت أحياء جديدة، ثم شرع صلاح الدين الأيوبى فيما بين سنتى ٥٧٢، ٥٧٩ هـ (١١٧٦- ١١٨٣ م) فى تشييد سور يضم كلّا من القاهرة والفسطاط وما حولهما من عمران، وهكذا صارت كل هذه المدن مدينة واحدة هى القاهرة التى أصبحت عاصمة مصر حتى اليوم. وبينما كان العمران ينتشر نحو الشمال والغرب ظل سفح المقطم فى الشرق جبانة لأهل القاهرة، وكان حرص سكان القاهرة على اتخاذ سفح المقطم جبانة لهم يرجع إلى عامل روحى، بالإضافة إلى العامل الجغرافى المتمثل فى صلاحية الموقع، وطبيعة الأرض، فقد جاء فى الأثر: «أن الله ﷾ كرّم المقطم €

المقدمة / 5

حين أطاع أمر الله، فجاد لجبل طور سيناء بكل ما كان عليه من شجر ونبات ومياه حتى صار أقرع، فأوحى إليه لأعوّضنّك عمّا كان على ظهرك ... لأجعلنّ فى سفحك غراس أهل الجنة» . وقد ورد ذكر «غراس أهل الجنة» فيما حكاه الإمام الليث بن سعد عن وصف «المقوقس» لسفح المقطم من أنه يجد صفته فى الكتب القديمة أنه يدفن فيه «غراس أهل الجنة» . وورد تفسير «غراس أهل الجنة» فى خطاب عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص- رضى الله عنهما- حين أخبره بما ذكره المقوقس، إذ قال عمر: «أنا لا أعرف غراس الجنة إلّا للمؤمنين، فاجعلها «أى أرض سفح المقطم» مقبرة لمن مات قبلك من المسلمين» . ومنذ ذلك الحين صار سفح المقطم أرضا مسبّلة يدفن فيها موتى المسلمين. وقد اشتمل سفح المقطم- فيما اشتمل عليه من مدافن- على كثير من قبور الأبرار من الصحابة، والتابعين، والأشراف، والأولياء، والأئمة، والفقهاء، والقرّاء، والعلماء، والزّهّاد، والقضاة، وكبار رجال الدولة؛ وهكذا صار سفح المقطم بما يحويه من قبور الأبرار مزارا ومعلما من معالم مصر الإسلامية، ومن ثمّ استرعت مزارات المقطم على طول العصور نظر العشرات من العلماء الذين ألفوا عنها، مثل: الكندى، والقضاعى، وابن يونس، والقرشى، والهروى، والمسبحى، وابن خلكان، وابن الجباس، وابن الملقن، وابن الزيات، والسخاوى، والمقريزى، وعلى مبارك، وغيرهم من العلماء، وخاصة علماء الآثار الذين عنوا بصفة خاصة بما بقى منها فى سفح المقطم، وما يليه من أراض. ومن الكتب التى تتصدر هذه المؤلفات هذا الكتاب الذي نقدم له: «كتاب مرشد الزوار إلى قبور الأبرار، المسمى الدر المنظم فى زيارة الجبل المقطم، لموفق الدين بن عثمان، المتوفى سنة ٦١٥ هـ» الذي يشمل فترة زمنية تمتد من فتح مصر حتى العصر الأيوبى؛ والذي استوعب ما سبقه فى هذا الموضوع من مؤلفات. €

المقدمة / 6

يبدأ المؤلف موفق الدين بن عثمان بمقدمة يذكر فيها ما ورد عن جبل المقطم وروّاده، وفضل جبانته، والمقبور فيه من الصحابة، والمساجد المشيدة عليه وأوديته ومساجد الوادى؛ ثم يضمن مقدمته فصولا فيما ورد فى زيارة القبور من الآثار، واستماع الميت للحى إذا تولى عنه، وكراهة المشى على القبور فى النعلين، وفيما يقول الزائر إذا خرج إلى المقابر ... ثم يطنب فى ذكر آداب زيارة القبور، ويختم المقدمة بالكلام عن إكرام الله تعالى بعض أوليائه بدوام طاعته فى قبورهم، وغفرانه لآخرين بأمور لحقتهم بعد وفاتهم. أما صلب الكتاب فيتضمن ذكرا مفصلا لما تشتمل عليه القرافة من قبور الأبرار: فيسرد أكثر من مائتى قبر، يحدد موقع كل قبر منها، ويصف ما به من نقوش، ويسجل ما كتب على الشاهد، ويصف الخط الذي كتبت به، ويورد ما جاء من وصف للقبر فيما سبقه من مؤلفات، ويقدم لذلك كله بترجمة لصاحب القبر، ووصف لخلاله ومزاياه، ويستقصى ما ورد عنه من حكايات وشعر وكرامات، وهو فى ذلك كله مؤرخ يتحرى الدقة فيما يورده من أخبار، فيناقشها، ويقارن بينها لكى يصل إلى الصحيح منها، ويؤيدها بالآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الشريفة، وروايات المؤرخين إن وجدت. ومن القبور التى أطنب المؤلف فى وصفها وذكر خلال أصحابها قبور من دفن فى سفح المقطم من الصحابة، رضى الله عنهم: عمرو بن العاص، وعقبة ابن عامر، وعبد الله بن الحارث، وأبو بصرة الغفارى، ومسلمة بن مخلد الأنصارى. ومن قبور الأبرار، والصالحين قبر السيدة نفيسة بنت الحسن ابن زيد، والشريفة فاطمة، والشريف الهاشمى، وابنته السيدة زينب، والأشراف من آل طباطبا، ويحيى الشبيه، والإمام الليث بن سعد، والإمام الشافعى، وذى النون المصرى، وأبى الحسن الدينورى، وعمر بن الفارض، وعبد الله ابن لهيعة، وأبى القاسم الشاطبى، والإمام ورش المدنى. والحق أن القارئ لهذا الكتاب يجد متعة تدفعه بشدة إلى الاستمرار فى €

المقدمة / 7