كانت كتبت بين يدي رسول الله ﷺ وبإذنه على ما سمع من لفظه على ما سبق بيانه، ولهذا قال: فليمل سعيد، يعني [٢٠ و] من الرقاع التي أحضرت، ولو كانوا كتبوا من حفظهم لم يحتج زيد فيما كتبه إلى من يمليه عليه.
فإن قلت: كان قد جمع من الرقاع في أيام أبي بكر، فأي حاجة إلى استحضارها في أيام عثمان؟
قلت: يأتي جواب هذا في آخر الباب.
وذكر أبو عمرو الداني في كتاب "المقنع" أن عثمان قال: يا أصحاب محمد، اجتمعوا فاكتبوا للناس إماما يجمعهم، قال: وكانوا في المسجد فكثروا، فكانوا إذا تماروا في الآية يقولون: إنه أقرأ رسول الله ﷺ هذه الآية فلان بن فلان، وهو على رأس أميال من المدينة، فيبعث إليه فيجيء، فيقولون: كيف أقرأك رسول الله ﷺ آية كذا وكذا؟ فيقول: كذا، فيكتبون كما قال (١) . والله أعلم.
وفي كتاب ابن أبي داود أيضا عن هشام (٢) عن محمد -هو ابن سيرين- قال: كان الرجل يقرأ، حتى يقول الرجل لصاحبه: كفرت بما تقول. فرفع ذلك إلى عثمان بن عفان، فتعاظم ذلك في نفسه، فجمع اثني عشر رجلا من قريش والأنصار، فيهم أبي بن كعب وزيد بن ثابت، فأرسل إلى الربعة التي كانت في بيت عمر، فيها القرآن (٣) .
_________
(١) المقنع ص٧.
(٢) هو هشام بن حسان القردوسي، أبو عبد الله البصري، أحد الأعلام من المحدثين، توفي سنة ١٤٧هـ على خلاف "تذكرة الحفاظ ١/ ١٥٤، تهذيب التهذيب ١١/ ٣٤".
(٣) كتاب المصاحف ص٢٥.
1 / 60