فقال جيمي: «إن الهبة من الله شيء. أما الهبة من شخص عرفته مدة بالغة القصر فهي شيء مختلف.»
فأجابه الطبيب: «لا فرق بين الهبتين. فكلاهما عطايا، وإنني أقول مرة أخرى إنك ستصبح أحمق إن لم تقبلها بقلب ممتن!»
هز جيمي رأسه، مبتعدا من المكتب، لينزل إلى الشارع ثم يعود إلى المنزل وإلى الحديقة الزرقاء التي حدا حب الزهور وحب الجمال في قلب رجل عاطفي به ليبنيها حول أحد البيوت. خطا برفق أثناء دخوله من الباب. وحمل قبعته في يده ونظر حوله باحثا عن مكان، غير مرتبط ارتباطا وثيقا بسيد النحل، حيث يمكن له الاستلقاء.
ماذا كان ذلك الذي قالته تلك الوصية المدهشة؟ فدان من التربة الخصبة المزدحمة لأقصى حد بزرع رائع، وصف من القفائر البيضاء الممتدة على طولها، وأموال في البنك، والكثير من الملابس المريحة الملائمة له، وفراش لينام عليه، وكلها ملك له إذا أراد أن يمد يده ويأخذها؟ وإذا بجيمي يكتشف أنه ليس قويا كما ظن نفسه؛ لأنه راح يرتعش حتى اصطكت أسنانه وجعلت الدموع تنهمر على وجنتيه حتى بات مجهدا. ومن ثم نهض وسار في الممشى الخلفي حتى بلغ أقصاه، وفتح البوابة وخطا إلى المدق الهابط إلى رمال البحر البيضاء. وهناك وقعت عيناه على منظر عجيب.
إذ تراجع اثنان من الأطفال مرتدين عند أحد الصخور، وهما يقومان بمحاولات خائرة للدفاع عن النفس، وأمامهما وقف شخص ضئيل بمجرفة رمال جعل يستخدمها بدقة المحراث الدوار وسرعة الدوامة. كانت الضحيتان المحاصرتان عند الصخرة تفركان أعينهما وتلهثان وتبذلان جهدا غير مجد للرد. وبدا واضحا لجيمي أن الرمل المتطاير كان قد أوشك جدا على خنقهما. وببضع خطوات واسعة ذهب إلى هناك لإنقاذهما. إذ أمسك بالكشافة الصغير من حزامه وجذبه بشدة.
وقال: «رفقا، يا صديقي! مهلا!» وتابع: «سوف تخنق هذين الطفلين!»
انتشل الكشافة الصغير المجرفة ورفع وجها غاضبا وهو يفسر ما حدث: «هما من بدآ! لقد ضايقاني! ظللت دون أن أفعل شيئا حتى رمياني بالرمال عدة مرات!»
فقال جيمي: «بالتأكيد. بالتأكيد، لكن ليس هذا بالسبب الكافي الذي يدفعك إلى خنقهما. إنك تهاجمهما مثل الزوبعة!»
شد الكشافة الصغير قامته. وتنفس نفسا عميقا ملأ صدره الذي راح يرتفع وينخفض. لم تكن الحجة المطروحة محل نقاش. «مجددا، لقد ألقيت على كل واحد منهما الكمية نفسها التي بإمكان كليهما إلقاؤها علي؛ كان لا بد أن ألقي كمية كبيرة!»
استوعب جيمي ذلك الأمر ببطء.
Shafi da ba'a sani ba