اندفعت أمام عيني جيمي يده اليمنى المتسخة. ومثل شفرة السكين هوت اليسرى ومرت على الرسغ. وببطء انفتحت أصابع اليد اليمنى وانضمت.
قال الكشافة الصغير: «إنني بحاجة إلى هذه اليد لأداء كل مهام حياتي.» وتابع: «إذ لا يمكنني امتطاء كوين، ولا يمكنني قيادة فريق الكشافة، ولا يمكنني التجديف بزورقي، ولا يمكنني مساعدة سيد النحل من دونها، لكن إن كانت ستزيل الألم من جسد سيد النحل، فسوف أعطيها له بمنتهى البساطة!»
ومن ثم بتر اليد اليمنى ورماها في تمثيل إيمائي مؤثر للغاية.
صعدت إلى حلق جيمي غصة كبيرة جدا، كادت أن تهدد بخنقه.
بينما وقف الشخص الصغير على إحدى قدميه ووضع الأخرى على المقعد، وشبك يديه المتسختين حول ركبته المثنية ومال ناحية جيمي. «أعتقد أنك أخطأت فهمي»، سقط القول على أذنيه المذهولتين. وعلى نحو مفاجئ عدل الصبي من وضعه وشعر جيمي بالجسد الصغير بجانبه وبالرأس الصغير يميل متقلقلا قرب الجرح الذي ترك بقعا حمراء على صدره، ويده الصغيرة التي أنهكها العمل وهي توضع على يده، ثم وجه الصغير وهو يرتفع إلى وجهه، ليقول لجيمي بهدوء وبصوت خفيض ورقيق ذي نبرة غاية في العذوبة: «هل تعلم كم من الممكن أن يكون الموت جميلا؟»
قد يكون هذا أقسى ما صدم جيمي على الإطلاق؛ إذ إنه لم يكن يفكر في أن الموت شيء جميل، وقد ظل يفكر فيه ليلا ونهارا من أجل الرجال الآخرين طوال سنوات أكثر مما يود إحصاءها. أما في حالته فقد ظل يفكر فيه طوال عامين وهي مدة طويلة. لم يقو على الكلام؛ لذلك هز رأسه نافيا.
قال الشخص الصغير: «مثلي تماما.» وأضاف: «لم أكن أعرف أي شيء عنه مطلقا، لكن نانيت عرفت. نانيت هي شقيقتي الكبرى. لقد صادفها حظ غاية في السوء. فقد غرق أحد الرجال في البحيرة التي ذهبنا إليها الصيف الماضي، وفي اليوم التالي كانت نانيت تلعب على الشاطئ مع بعض الأطفال الآخرين حين رأته بالمصادفة في اللحظة نفسها التي كانوا يخرجونه فيها من المياه، بعد أن لبث في المياه مدة طويلة جدا دون أن تفعل السلاحف به أي شيء. وعادت إلى المنزل وقالت أمي إنها مصابة بنوبة هستيرية، وقد ظلت تأتيها ليلا أثناء نومها حتى تسنى لي مواجهة ما كانت قد رأته. إذ إنه منذ وقت ليس ببعيد، صعدت إلى السماء عمة أمي، العمة بيث العجوز، وفي البداية قالت أمي إننا لا نستطيع الذهاب ووداعها. لقد توفيت ليلا وهي نائمة، ويداها مضمومتان على صدرها وعلى وجهها ابتسامة صغيرة غامضة غاية في الغرابة. بدا كأنها تعرف سرا جميلا تود البوح به، وكانت تبتسم بسببه وهي تقرر إذا ما كانت ستبوح به أم لا. وقال أبي إنه ربما من الأفضل أن نذهب. فقد ترى نانيت شيئا يجعلها أفضل حالا. ولم ترد نانيت الذهاب، لكن بعد أن قال أبي ذلك، جعلتها أمي تذهب. فذهبنا بعد العشاء، بعد عودتنا من المدرسة. حيث حممتنا أمي وألبستنا أفضل ملابسنا وأخذنا أبي في السيارة، وعند الباب الأمامي بالضبط بدأ الجزء الجميل.
حيث وضع هناك إكليل كبير من الزهور كاد يغطي الباب وبداخله القليل من زهور أذن الفأر زرقاء وبنفسج ورقيب الشمس، ثم ياقوتية بيضاء وياقوتية ذهبية وزرقاء، وباقات من خلنج الخزامى وورود بيضاء وورود بلون زهري فاتح، وفي أسفله، حيث ربط بشيفون بنفسجي تدلى على باب الرواق بالكامل، وضعت زنابق بيضاء غاية في البهاء. لم أر قط شيئا بذلك الجمال.»
ارتفع الوجه الصغير إلى وجه جيمي.
وسأله: «هل رأيت قط شيئا بمثل ذلك الجمال؟»
Shafi da ba'a sani ba