فصاحت السيدة الشابة: «وأين لي أن أقيم؟ إن كنت سأضطر إلى الذهاب إلى المحكمة والدخول في صراع قانوني، فقد يستغرق هذا أسابيع أو شهورا، وما لدي من نقود كان كافيا بصعوبة لآتي هنا. فالمصروف الذي خصصه لي أبي لم يكفني أبدا.»
فقال جيمي: «لا علم لي بذلك الأمر. وليس لي علاقة به. لكن أعلم أنه ثمة ثروة صغيرة في نحل هذه التركة وأشجارها وزهورها، وأن قيمتها متوقفة على مراقبة النحل، حيث يغير الكثير منه مسكنه في الوقت الحالي. وهناك عسل لا بد من نقله لأحمي النحل من البدء في سرقته، وفي كاليفورنيا لا بد دوما من الاهتمام بالري بنظام. إن حدث وأثبت أمام المحكمة ما تمناه سيد النحل وأراده، فلن أحبذ، لخاطر مساعده، الذي صار مساعدا لي، ولخاطري، أن تتراجع قيمة المكان، كما سيحدث إن خرجت وتركته في رعاية شخص غريب.»
عندئذ ظهرت أول خصلة قبيحة بحق في سلوك الفتاة. إذ ضحكت ضحكة بغيضة.
وقالت: «حسنا، لا شك أنك ستخرج وستخرج بسرعة عاجلة. لا توجد محكمة في العالم تحرم ابنة وحيدة ووريثة وحيدة من ميراثها وتمنح تركة رجل لشخص يكاد يكون غريبا تماما. سيصبح ذلك تصرفا في غاية الوضاعة. وحيث إن هذا منزل أبي، فأعتقد أن لدي كل الحق في البقاء فيه.»
والتفتت نحو الشارع وأشارت لسائق سيارة الأجرة.
وقالت له آمرة: «أحضر لي صندوقي وحقائبي!»
وضع سائق سيارة الأجرة صندوق أمتعة صغيرا على عاتقه، وحمله إلى داخل المنزل فأنزله في منتصف حجرة المعيشة، واضعا فوقه حقيبة سفر وحقيبة ملابس. ثم أخذ مقابل خدماته وركب سيارته وانطلق بعيدا، وخلعت شابة ذات سمت شديد العزم قبعتها وجعلت تنظر حولها.
انهزم جيمي في الجولة الأولى. ما كان يجب أن يسمح لها بدخول المنزل. ما كان يجب أن يدع سائق السيارة الأجرة يترك الصندوق. لكنها قالت إن النقود التي لديها غير كافية بالمرة، وهناك احتمال أن يثبت القاضي ادعاءاتها، ومهما كان ما سيفعله جيمي أو لا يفعله فلا بد أن يكون رجلا نبيلا. فجعل يفكر سريعا وكان تفكيره صائبا. إذ حدث نفسه متأملا: «مارجريت كاميرون مسافرة. لو كانت هنا في هذا الظرف الطارئ لمنحتني حجرة. وسمحت لي بالنوم في فراش ابنة أخيها، وحيث إنني أعلم مؤكدا أن هذا ما ستفعله، فلم لا أدخل من نافذتها الخلفية وأستحوذ عليه؟ سوف أروي حديقتها وأحرص على رعاية زهورها حتى عودتها، وأستطيع في مطبخها أن أطهو شيئا لآكله.»
من ثم دخل جيمي غرفة النوم وجمع الملابس التي كان قد أتى بها، والأشياء التي اشتراها منذ سكناه، والصرة التي ضمت أغراض أليس لويز الشخصية. ووضعها كلها في حزمة وسلك الممشى، ومن خلال البوابة الجانبية، دخل المنزل من نافذة خلفية، وأقام نفسه في الحجرة التي تأكد له، من زينة جدرانها وموقعها، أنها تخص ابنة صهر مارجريت كاميرون. ثم ذهب إلى البقالة الواقعة في الزاوية واشترى بعض الطعام الذي ملأ به صندوق الثلج. وعلق لافتة «مطلوب ثلج» وأخرج ما يخصه من حليب وعصير طماطم وبرتقال في صندوق الثلج الخاص بسيد النحل، وخلال ساعة كان قد طرد؛ لكنه ظل محتفظا بعمله، ظل يقتلع الحشائش، وظل يروي الزرع ويقلمه ويراقب النحل وأشياء أخرى جيدا.
وبينما هو يعمل بدا له أن أول ما يجب عليه القيام به هو أن يتصل بالسيد ميريديث ويتركه يتخذ الإجراء الذي يراه في صالح صغيره. فذهب إلى الهاتف، وبعد أن سمع كل التفاصيل الأخيرة بشأن جيمي الصغير مروية بحماس، طلب السيد ميريديث. فأخبر بأنه خارج البلدة وسيغيب أسبوعا أو عشرة أيام. عندئذ تردد جيمي. فهو يستطيع رعاية مصالح شريكه الصغير بالأسلوب نفسه الذي سيرعى به مصالحه. يمكنه أن يرى الإجراء القانوني الواجب اتخاذه ويعلن عنه عندما يحين الوقت. فلم يكن ثمة ضرورة لإثارة قلق السيد ميريديث والكشافة الصغير وغالبا ليس في وسعهما فعل شيء. وهكذا وضع جيمي السماعة دون أن يقول إن المنحل كان في تلك اللحظة بين يدي شخص دخيل.
Shafi da ba'a sani ba