ومن ثم قرر أن يجتهد جدا في العمل. ثم يأخذ بضعة أيام إجازة ويطلب من مارجريت كاميرون أن تذهب معه لالتماس بعض البهجة. فيذهبان حيث يستجم الناس على الشواطئ. وقد يذهبان إلى مكان ما على متن مركب. وربما يذهبان إلى المدينة ويستمعان لبعض الحفلات الموسيقية الرائعة، أو يشاهدان بعض الأفلام الجيدة، أو مسرحية مسلية. فسوف يحاول أن يرد فعليا بعضا مما كانت تفعله لتضفي على حياته معنى. وقد عزم على ذلك عزما لا رجوع فيه.
وذات يوم ذكر جيمي موضوع أولاد مارجريت أمام الكشافة الصغير، فوجد أن الطفل كان ساخطا بقدر سخطه.
إذ قال الكشافة الصغير: «لا يعلم أحد متى ستأتي لولي. إنها لا تفكر إلا في نفسها وغالبا تفعل ما يحلو لها، أما مولي فسوف تأتي. فإنها تعمل عملا صعبا وربما تضطر إلى الراحة بضعة أيام. قد تكون مضطرة إلى إغلاق مسكنها وتسكين شخص آخر فيه، أما إذا لم تأت فسيكون لديها سبب وجيه جدا، لكن عندما تأتي ستبدأ المعسكرات والنزهات، وسيكون هناك أشياء لنقوم بها في هذه الأنحاء. حين تأتي مولي ستكون مستعدة للانطلاق بكل همة، وعندئذ ننطلق!»
استخدم الكشافة الصغير يديه ليمثل كيف يمرحون حين تعود مولي للديار. «إنها مرحة حتى النخاع! إذ ترتسم على وجهها ابتسامة طفولية عريضة كما أنها لا تخشى الأوساخ. ولا تخشى المياه، ولا تخشى الجهد، ولا تخشى إنفاق النقود. إنها مبهجة كالفاكهة الناضجة! هذه هي مولي!»
قال جيمي: «أنتظر بلهفة، لرؤية مولي.»
فقال الصغير: «حسنا ، فلتظل منتظرا.» وتابع: «لتبق على موقفك، وما دمت تهتم بالتعرف إلى الفتيات، فبالقطع، ستجد فيها فتاة ذات جاذبية، حين تأتي!»
فقال له جيمي: «أصدق ما تقول. أعتقد أنك أعلم بالأمر، وإنني أثق تماما في آرائك.»
راح الكشافة الصغير يفتت خبزا على امتداد حافة الممشى الخلفي من أجل أنثى طير محاكي عششت على نخلة تمر بجانب العريشة. ووضع بجانب الخبز قطعة كبيرة من تفاحة جعل يلتهمها من دون مضغ. وفي ثلاث قضمات أخرى اختفت التفاحة، بلبها وبكل ما فيها. مسح الكشافة الصغير أصابعه المبللة في مقعدة سرواله القصير بالغ الاتساخ، ووضع يده فوق يدي جيمي اللتين قبض بهما على فروع بعض زهور السوسن التي كان يستزرعها. أدت القوة الإضافية التي هبت للمساعدة إلى خلع الجذور من الأرض، فتدحرج كل من قائد الكشافة ومربي النحل فوق الآخر عشوائيا هابطين جانب الجبل حتى اصطدما صدمة قوية بشجرة كريفون. فنهضا يضحكان، والتقط جيمي السوسن. ووقف قائد الكشافة رابط الجأش برشاقة. ثم أخذ نفسا عميقا، وسحب شفته العليا، ومد شفته السفلى، لينفث الغبار عن عينيه الرماديتين الداكنتين. وكان المفترض أن الاهتزاز مثل كلب خرج من الماء كاف لطرح الأوساخ المتراكمة. واستقر على الوجه الصغير تعبير مغتبط أقرب إلى العذوبة الساذجة. وبإبهام اليد اليمنى والسبابة نفض بدقة قطعة كبيرة من الأوساخ عن الكتف اليسرى. ثم راح بالإيماءات يتفحص حالة جيمي من خلال نظارة تظاهر بمهارة بأنه يرتديها حتى إن جيمي رآها جيدا رغم أنها لم تكن موجودة.
قال الكشافة الصغير: «أرجو حقا ألا يكون قد أصابك ضرر دائم.»
فقال جيمي: «لا، لم يصبني، وأرجو لك الأمنية الطيبة نفسها.»
Shafi da ba'a sani ba