Hidimar Fath Bari
هدي الساري (مقدمة فتح الباري)
Bincike
محمد فؤاد عبد الباقي , محب الدين الخطيب
Mai Buga Littafi
دار المعرفة
Shekarar Bugawa
1379 -
Inda aka buga
بيروت
Nau'ikan
قال رضي الله عنه بدأ البخاري بقوله كيف بدء الوحي ولم يقل كتاب بدء الوحي لأن بدء الوحي من بعض ما يشتمل عليه الوحي قلت ويظهر لي أنه إنما عراه من باب لأن كل باب يأتي بعده ينقسم منه فهو أم الأبواب فلا يكون قسيما لها قال وقدمه لأنه منبع الخيرات وبه قامت الشرائع وجاءت الرسالات ومنه عرف الإيمان والعلوم وكان أوله إلى النبي صلى الله عليه وسلم بما يقتضي الإيمان من القراءة والربوبية وخلق الإنسان فذكر بعد كتاب الإيمان والعلوم وكان الإيمان أشرف العلوم فعقبه بكتاب العلم وبعد العلم يكون العمل وأفضل الأعمال البدنية الصلاة ولا يتوصل إليها إلا بالطهارة فقال كتاب الطهارة فذكر أنواعها وأجناسها وما يصنع من لم يجد ماء ولا ترابا إلى غير ذلك مما يشترك فيه الرجال والنساء وما تنفرد به النساء ثم كتاب الصلاة وأنواعها ثم كتاب الزكاة على ترتيب ما جاء في حديث بني الإسلام على خمس واختلفت النسخ في الصوم والحج أيهما قبل الآخر وكذا اختلفت الرواية في الأحاديث وترجم عن الحج بكتاب المناسك ليعم الحج والعمرة وما يتعلق بهما وكان في الغالب من يحج يجتاز بالمدينة الشريفة فذكر ما يتعلق بزيارة النبي صلى الله عليه وسلم وما يتعلق بحرم المدينة قلت ظهر لي أن يقال في تعقيبه الزكاة بالحج أن الأعمال لما كانت بدنية محضة ومالية محضة وبدنية مالية معا رتبها كذلك فذكر الصلاة ثم الزكاة ثم الحج ولما كان الصيام هو الركن الخامس المذكور في حديث بن عمر بني الإسلام على خمس عقب بذكره وإنما أخره لأنه من التروك والترك وإن كان عملا أيضا لكنه عمل النفس لا عمل الجسد فلهذا أخره وإلا لو كان اعتمد على الترتيب الذي في حديث بن عمر لقدم الصيام على الحج لأن بن عمر أنكر على من روى عنه الحديث بتقديم الحج على الصيام وهو وإن كان ورد عن بن عمر من طريق أخرى كذلك فذاك محمول على أن الراوي روى عنه بالمعنى ولم يبلغه نهيه عن ذلك والله أعلم وهذه التراجم كلها معاملة العبد مع الخالق وبعدها معاملة العبد مع الخلق فقال كتاب البيوع وذكر تراجم بيوع الأعيان ثم بيع دين على وجه مخصوص وهو السلم وكان البيع يقع قهريا فذكر الشفعة التي هي بيع قهري ولما تم الكلام على بيوع العين والدين الاختياري والقهري وكان ذلك قد يقع فيه غبن من أحد الجانبين أما في ابتداء العقد أو في مجلس العقد وكان في البيوع ما يقع على دينين لا يجب فيهما قبض في المجلس ولا تعيين أحدهما وهو الحوالة فذكرها وكانت الحوالة فيها انتقال الدين من ذمة إلى ذمة أردفها بما يقتضي ضم ذمة إلى ذمة أو ضم شيء يحفظ به العلقة وهو الكفالة والضمان وكان الضمان شرع للحفظ فذكر الوكالة التي هي حفظ للمال وكانت الوكالة فيها توكل على آدمي فأردفها بما فيه التوكل على الله فقال كتاب الحرث والمزارعة وذكر فيها متعلقات الأرض والموات والغرس والشرب وتوابع ذلك وكان في كثير من ذلك يقع الارتفاق فعقبه بكتاب الاستقراض لما فيه من الفضل والإرفاق ثم ذكر العبد راع في مال سيده ولا يعمل إلا بإذنه للإعلام بمعاملة الأرقاء فلما تمت المعاملات كان لابد أن يقع فيها من منازعات فذكر الأشخاص والملازمة والالتقاط وكان الالتقاط وضع اليد بالأمانة الشرعية فذكر بعده وضع اليد تعديا وهو الظلم والغضب وعقبه بما قد يظن فيه غصب ظاهر وهو حق شرعي فذكر وضع الخشب في جدار الجار وصب الخمر في الطريق والجلوس في الأفنية والآبار في الطريق وذكر في ذلك الحقوق المشتركة وقد يقع في الاشتراك نهي فترجم النهي بغير إذن صاحبه ثم ذكر بعد الحقوق المشتركة العامة الاشتراك الخاص فذكر كتاب الشركة وتفاريعها ولما أن كانت هذه المعاملات في مصالح الخلق ذكر شيئا يتعلق بمصالح المعاملة وهي الرهن وكان الرهن يحتاج إلى فك رقبة وهو جائز من جهة المرتهن لازم من جهة الراهن أردفه بالعتق الذي هو فك الرقبة والملك الذي يترتب عليه جائز من جهة السيد لا من جهة العبد فذكر متعلقات العتق من التدبير والولاء وأم الولد الإحسان إلى الرقيق وأحكامهم ومكاتباتهم ولما كانت الكتابة تستدعي إيتاء لقوله تعالى وآتوهم من مال الله الذي آتاكم فأردفه بكتاب الهبة وذكر معها العمري والرقبى ولما كانت الهبة نقل ملك الرقبة بلا عوض أردفه بنقل المنفعة بلا عوض وهو العارية المنيحة ولما تمت المعاملات وانتقال الملك على الوجوه السابقة وكان ذلك قد يقع فيه تنازع فيحتاج إلى الأشهاد فأردفه بكتاب الشهادات ولما كانت البينات قد يقع فيها تعارض ترجم القرعة في المشكلات وكان ذلك التعارض قد يقتضي صلحا وقد يقع بلا تعارض ترجم كتاب الصلح ولما كان الصلح قد يقع فيه الشرط عقبه بالشروط في المعاملات ولما كانت الشروط قد تكون في الحياة وبعد الوفاة ترجم كتاب الوصية والوقف فلما انتهى ما يتعلق بالمعاملات مع الخالق ثم ما يتعلق بالمعاملات مع الخلق أردفها بمعاملة جامعة بين معاملة الخالق وفيها نوع اكتساب فترجم كتاب الجهاد إذ به يحصل إعلاء كلمة الله تعالى وإذلال الكفار بقتلهم واسترقاقهم نسائهم وصبيانهم وعبيدهم وغنيمة أموالهم العقار والمنقول والتخيير في كامليهم وبدأ بفضل الجهاد ثم ذكر ما يقتضي أن المجاهد ينبغي أن يعد نفسه في القتلى فترجم باب التحنط عند القتال وقريب منه من ذهب ليأتي بخبر العدو وهو الطليعة وكان الطليعة يحتاج إلى ركوب الخيل ثم ذكر من الحيوان ما له خصوصية وهو بغلة النبي صلى الله عليه وسلم وناقته وكان الجهاد في الغالب للرجال وقد يكون النساء معهم تبعا فترجم أحوال النساء في الجهاد وذكر باقي ما يتعلق بالجهاد ومنها آلات الحرب وهيئتها والدعاء قبل القتال وكل ذلك من آثار بعثته العامة فترجم دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام وكان عزم الإمام على الناس في الجهاد إنما هو بحسب الطاقة فترجم عزم الإمام على الناس فيما يطيقون وتوابع ذلك وكانت الاستعانة في الجهاد تكون بجعل أو بغير جعل فترجم الجعائل وكان الإمام ينبغي أن يكون إمام القوم فترجم المبادرة عند الفزع وكانت المبادرة لا تمنع من التوكل ولا سيما في حق من نصر بالرعب فذكره وذكر مبادرته على أن تعاطي الأسباب لا يقدح في التوكل فترجم حمل الزاد في الغزو ثم ذكر آداب السفر وكان القادمون من الجهاد قد تكون معهم الغنيمة فترجم فرض الخمس وكان ما يؤخذ من الكفارة تارة يكون بالحرب ومرة بالمصالحة فذكر كتاب الجزية وأحوال أهل الذمة ثم ذكر تراجم تتعلق بالموادعة والعهد والحذر من الغدر ولما تمت المعاملات الثلاث وكلها من الوحي المترجم عليه بدء الوحي فذكر بعد هذه المعاملات بدء الخلق قلت ويظهر إلى أنه إنما ذكر بدء الخلق عقب كتاب الجهد لما أن الجهاد يشتمل على إزهاق النفس فأراد أن يذكر أن هذه المخلوقات محدثات وأن مآلها إلى الفناء وأنه لا خلود لأحد انتهى ومن مناسبته ذكر الجنة والنار اللتين مآل الخلق إليهما وناسب ذكر إبليس وجنوده عقب صفة النار لأنهم أهلها ثم ذكر الجن ولما كان خلق الدواب قبل خلق آدم عقبة بخلق آدم وترجم الأنبياء نبيا نبيا على الترتيب الذي نعتقده وذكر فيهم ذا القرنين لأنه عنده نبي وأنه قبل إبراهيم ولهذا ترجمه بعد ترجمة إبراهيم وذكر ترجمة أيوب بعد يوسف لما بينهما من مناسبة الابتلاء وذكر قوله واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر بعد قصة يونس لأن يونس التقمه الحوت فكان ذلك بلوى له فصبر فنجا وأولئك ابتلوا بحيتان فمنهم من صبر فنجا ومنهم من تعدى فعذب وذكر لقمان بعد سليمان إما لأنه عنده نبي وإما لأنه من جملة أتباع داود عليه السلام وذكر مريم لأنها عنده نبيه ثم ذكر بعد الأنبياء أشياء من العجائب الواقعة في زمن بني إسرائيل ثم ذكر الفضائل والمناقب المتعلقة بهذه الأمة وأنهم ليسوا بأنبياء مع ذلك وبدأ بقريش لأن بلسانهم أنزل الكتاب ولما ذكر أسلم وغفارا ذكر قريبا منه إسلام أبي ذر لأنه أول من أسلم من غفار ثم ذكر أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وشمائله وعلامات نبوته في الإسلام ثم فضائل أصحابه ولما كان المسلمون الذين اتبعوه وسبقوا إلى الإسلام هم المهاجرون والأنصار والمهاجرون مقدمون في السبق ترجم مناقب المهاجرين ورأسهم أبو بكر الصديق فذكرهم ثم أتبعهم بمناقب الأنصار وفضائلهم ثم شرع بعد ذكر مناقب الصحابة في سياق سيرهم في إعلاء كلمة الله تعالى مع نبيهم فذكر أولا أشياء من أحوال الجاهلية قبل البعثة التي أزالت الجاهلية ثم ذكر أذى المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثم ذكر أحوال النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة إلى الحبشة ثم الهجرة إلى الحبشة وأحوال الإسراء وغير ذلك ثم الهجرة إلى المدينة النبوية ثم ساق المغازي على ترتيب ما صح عنده وبدأ بإسلام بن سلام تفاؤلا بالسلامة في المغازي ثم بعد إيراد المغازي والسرايا ذكر الوفود ثم حجة الوداع ثم مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته وما قبض صلى الله عليه وسلم إلا وشريعته كاملة بيضاء نقية وكتابه قد كمل نزوله فأعقب ذلك بكتاب التفسير ثم ذكر عقب ذلك فضائل القرآن ومتعلقاته وآداب تلاوته وكان ما يتعلق بالكتاب والسنة من الحفظ والتفسير وتقرير الأحكام يحصل به حفظ الدين في الأقطار واستمرار الأحكام على الأعصار وبذلك تحصل الحياة المعتبرة أعقب ذلك بما يحصل به النسل والذرية التي يقوم منها جيل بعد جيل يحفظون أحوال التنزيل فقال كتاب النكاح ثم أعقبه بالرضاع لما فيه من متعلقات التحريم به ثم ذكر ما يحرم من النساء وما يحل ثم أردف ذلك بالمصاهرة والنكاح الحرام والمكروه والخطبة والعقد والصداق والولي وضرب الدف في النكاح والوليمة والشروط في النكاح وبقية أحوال الوليمة ثم عشرة النساء ثم أردفه كتاب الطلاق ثم ذكر أنكحه الكفار ولما كان الإيلاء في كتاب الله مذكورا بعد نكاح المشركين ذكره البخاري عقبه ثم ذكر الظهار وهو فرقة مؤقتة ثم ذكر اللعان وهو فرقة مؤبدة ثم ذكر العدد والمراجعة ثم ذكر حكم الوطء من غير عقد لما فرغ من توابع العقد الصحيح فقال مهر البغي والنكاح الفاسد ثم ذكر المتعة ولما انتهت الأحكام المتعلقة بالنكاح وكان من أحكامه أمر يتعلق بالزوج تعلقا مستمرا وهو النفقة ذكرها ولما انقضت النفقات وهي من المأكولات غالبا أردف كتاب الأطعمة وأحكامها وآدابها ثم كان من الأطعمة ما هو خاص فذكر العقيقة وكان ذلك مما يحتاج فيه إلى ذبح فذكر الذبائح وكان من المذبوح ما يصاد فذكر أحكام الصيد وكان من الذبح ما يذبح في العام مرة فقال كتاب الأضاحي وكانت المآكل تعقبها المشارب فقال كتاب الأشربة وكانت المأكولات والمشروبات قد يحصل منها في البدن ما يحتاج إلى طبيب فقال كتاب الطب وذكر تعلقات المرض وثواب المرض وما يجوز أن يتداوى به وما يجوز من الرقي وما يكره منها ويحرم ولما انقضى الكلام على المأكولات والمشروبات وما يزيل الداء المتولد منها أردف بكتاب اللباس والزينة وأحكام ذلك والطيب وأنواعه وكان كثير منها يتعلق بآداب النفس فأردفها بكتاب الأدب والبر والصلة والاستئذان ولما كان السلام والاستئذان سببا لفتح الأبواب السفلية أردفها بالدعوات التي هي فتح الأبواب العلوية ولما كان الدعاء سبب المغفرة ذكر الاستغفار ولما كان الإستغفار سببا لهدم الذنوب قال باب التوبة ثم ذكر الأذكار الموقتة وغيرها والاستعاذة ولما كان الذكر والدعاء سببا للاتعاظ ذكر المواعظ والزهد وكثيرا من أحوال يوم القيامة ثم ذكر ما يبين أن الأمور كلها بتصريف الله تعالى فقال كتاب القدر وذكر أحواله ولما كان القدر قد تحال عليه الأشياء المنذورة قال كتاب النذور كان النذر فيه كفارة فأضاف إليه الأيمان وكانت الأيمان والنذور تحتاج إلى الكفارة فقال كتاب الكفارة ولما تمت أحوال الناس في الحياة الدنيا ذكر أحوالهم بعد الموت فقال كتاب الفرائض فذكر أحكامه ولما تمت الأحوال بغير جناية ذكر الجنايات الواقعة بين الناس فقال كتاب الحدود وذكر في آخره أحوال المرتدين ولما كان المرتد قد لا يكفر إذا كان مكرها قال كتاب الإكراه وكان المكره قد يضمر في نفسه حيلة دافعة فذكر الحيل وما يحل منها وما يحرم ولما كانت الحيل فيها ارتكاب ما يخفى أردف ذلك بتعبير الرؤيا لأنها مما يخفي وإن ظهر للمعبر وقال الله تعالى وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس فأعقب ذلك بقوله كتاب الفتن وكان من الفتن ما يرجع فيه إلى الحكام فهم الذين يسعون في تسكين الفتنة غالبا فقال كتاب الأحكام وذكر أحوال الأمراء والقضاة ولما كانت الإمامة والحكم قد يتمناها قوم أردف ذلك بكتاب التمني ولما كان مدار حكم الحكام في الغالب على أخبار الآحاد قال ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق ولما كانت الأحكام كلها تحتاج إلى الكتاب والسنة قال الاعتصام بالكتاب والسنة وذكر أحكام الاستنباط من الكتاب والسنة والاجتهاد وكراهية الاختلاف وكان أصل العصمة أولا وآخرا هو توحيد الله فختم بكتاب التوحيد وكان آخر الأمور التي يظهر بها المفلح من الخاسر ثقل الموازين وخفتها فجعله آخر تراجم كتابه فقال باب قول الله تعالى ونضع الموازين القسط ليوم القيامة وأن أعمال بني آدم توزن فبدأ بحديث إنما الأعمال بالنيات وختم بأن أعمال بني آدم توزن وأشار بذلك إلى أنه إنما يتقبل منها ما كان بالنية الخالصة لله تعالى وهو حديث كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم فقوله كلمتان فيه ترغيب وتخفيف وقوله حبيبتان فيه حث على ذكرهما لمحبة الرحمن إياهما وقوله خفيفتان فيه حث بالنسبة إلى ما يتعلق بالعمل وقوله ثقيلتان فيه إظهار ثوابهما وجاء الترتيب بهذا الحديث على أسلوب عظيم وهو أن حب الرب سابق وذكر العبد وخفة الذكر على لسانه قال وبعد ذلك ثواب هاتين الكلمتين إلى يوم القيامة وهاتان الكلمتان معناهما جاء في ختام دعاء أهل الجنة لقوله تعالى دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين انتهى كلام الشيخ ملخصا ولقد أبدى فيه لطائف وعجائب جزاه الله خير بمنه وكرمه
Shafi 473