Muntaqa Min Minhaj Ictidal
المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال
Bincike
محب الدين الخطيب
على قَول من يَقُول بذلك وَإِمَّا أَن لَا يُوصف بهَا إِلَّا إِذا كَانَ الْعقَاب سائغا
فَإِن كَانَ الأول لزم أَن لَا يكون غفارًا لمن تَابَ وآمن وَعمل صَالحا ثمَّ اهْتَدَى لِأَن عِقَاب هَؤُلَاءِ قَبِيح وَالْمَغْفِرَة لَهُم وَاجِبَة عِنْد أهل هَذَا القَوْل وَيلْزم أَن لَا يكون رحِيما وَلَا غَفُورًا للأنبياء وَيلْزم أَن لَا يكون رحِيما غَفُورًا لمن ظلم ثمَّ بدل حسنا بعد سوء
وَقد ثَبت أَنه غفار للتوابين رَحِيم بِالْمُؤْمِنِينَ فَعلم أَنه مَوْصُوف بالمغفرة وَالرَّحْمَة مُطلقًا
الرَّابِع أَن الْعِصْيَان من العَبْد بِمَعْنى أَنه فَاعله عِنْد الْأَكْثَر وَبِمَعْنى أَنه كاسبه عِنْد الْبَعْض
وَبِهَذَا القَوْل يسْتَحق الْآدَمِيّ أَن يُعَاقب الظَّالِم فإستحقاق الله عِقَاب الظَّالِم أولى بذلك
وَأما كَونه خَالِقًا لذَلِك فَذَاك أَمر يعود إِلَيْهِ وَله فِيهِ حِكْمَة عِنْد الْجُمْهُور الْقَائِلين بالحكمة أَو لمحض الْمَشِيئَة عِنْد من لَا يُعلل بالحكمة
قَالَ وَمِنْهَا أَنه يلْزم تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق لِأَنَّهُ تَكْلِيف الْكَافِر بِالْإِيمَان وَلَا قدرَة لَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَبِيح عقلا وَقَالَ تَعَالَى ﴿لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا﴾ فَالْجَوَاب أَن المثبتين للقدر لَهُم فِي قدرَة العَبْد قَولَانِ أَحدهمَا أَن قدرته لَا تكون إِلَّا مَعَ الْفِعْل وعَلى هَذَا فالكافر الَّذِي قد سبق فِي علم الله أَنه لَا يُؤمن لَا يقدر على الْإِيمَان أبدا
الثَّانِي أَن الْقُدْرَة الْمَشْرُوطَة فِي التَّكْلِيف تكون قبل الْفِعْل وبدونه وَإِلَى حِين وُقُوعه
وَالْقُدْرَة المستلزمة للْفِعْل فَلَا بُد أَن تكون مَعَه
وأصل قَوْلهم أَن الله خص الْمُؤمن بِنِعْمَة يَهْتَدِي بهَا لم يُعْطهَا الْكَافِر وَأَن العَبْد لَا بُد أَن يكون قَادِرًا حِين الْفِعْل خلافًا لمن زعم أَنه لَا يكون قَادِرًا إِلَّا قبل الْفِعْل وَأَن النِّعْمَة على الْكَافِر وَالْمُؤمن سَوَاء إِلَى أَن قَالَ وعَلى قَول جُمْهُور السّنة الْقَائِلين بِأَن الْكَافِر يقدر على الْإِيمَان يبطل
1 / 132