============================================================
المنتقى من عصة الأنبياء على التأبيد بقوله:1 كن تركى} ، فنقول:2 التأبيد واقع على الرؤية التي سألها وهي التي في الدنيا فإنما خص الرؤية بدار الآخرة لأنها دار بقاء، فاختص برؤية الباقي من لا فناء4 له بخلاف الدنيا. على أن كلمة "لن" (51ظ] ليست هي للتأبيد بل هي للتأكيد بدليل أنها ذكرت مع التأقيت ولو كانت موضوعة للتأبيد لما صح قرانهاء بالتأقيت؛ الدليل عليه قوله تعالى: (فلن أكلم اليوم إنسيا،1 ذكر كلمة2 "لن" وقرنه باليوم فعلم أن المراد منه التأكيد لا التأبيد. ثم إن الله تعالى نفى عنه آن يبتدئ هو بالرؤية حتى يراه بجهده واختياره فقال: "الن تراني" أنت بصنعك واختيارك ولكن آريك فضلا وكرامة.
وقوله تعالى: ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكاندر فسوف ترفي}8 هذا نوع اعتذار من الله تعالى لموسى بالإشارة إلى حال الجبل فانه مع شدته وصلابته2 تلاشى عند التجلي وزال عنه التمكن والاستقرار، فكيف تثبت أنت يا موسى عند ذلك حتى تنظر إلي ففيه إشارة إلى أن الرؤية في دار الآخرة تكون مغلوبة في إراءة الله تعالى والمعرفة في تعريف الله، فلا يصح دعواه "إني أنظر إليك11 وإني أعرف"، فانه إذا أضاف رؤيته إلى نظره وصنعه عذل عن التوحيد، كالمعرفة إذا فنيت في التعريف فهو يرى التعريف لا المعرفة. ولهذا الكلام زيادة شرح يطول ذكره. ثم اختصاص الجبل بالتجلي لم يكن لعلة أوجبت ذلك بل لله تعالى أن يختص مكانا على مكان ويفضل البعض على البعض من غير علة، كالكعبة والحرم وغير ذلك، خلافا للمعتزلة.
2في النسختين: فيقول: م: لقوله: ل: ممن لا فناء: 3م: وانما.
سورة مريم، 26/19.
5م: قراتها.
1سورة الأعراف، 143/7.
1 اليه.
6 في النسختين 1م- إليك.
Shafi 112