٤٨- حدثنا أحمد بن عبيد، ثنا الأصمعي، عن الذهلي، عن الشعبي قال:
لما قدم معاوية المدينة عام الجماعة تلقته رجالٌ من وجوه قريش فقالوا: الحمد لله الذي أعز نصرك وأعلى أمرك، فما رد عليهم جوابًا حتى دخل المدينة، فقصد المسجد وعلا المنبر فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال: أما بعد فإني والله ما وليت أمركم حين وليته وأنا أعلم أنكم [لا] تسرون بولايتي ولا تحبونها، وإني لعالم بما في نفوسكم، ولكني خالستكم بسيفي هذا مخالسةً، ⦗١٢٨⦘ ولقد رمت نفسي على عمل ابن أبي قحافة فلم أجدها تقوم بذلك، وأردتها على عمل ابن الخطاب فكانت منه أشد نفورًا، وحاولتها على مثل سنيات عثمان فأبت علي، وأين مثل هؤلاء!؟ هيهات أن يدرك فضلهم أحدٌ ممن بعدهم، رحمة الله ورضوانه عليهم، غير أني قد سلكت بها طريقًا، لي فيه منفعةٌ ولكم فيه مثل ذلك، ولكلٍ فيه مواكلةٌ حسنةٌ ومشاربة جميلةٌ ما استقامت السيرة وحسنت الطاعة، فإن لم تجدوني خيركم فأنا خيركم لكم، والله لا أحمل السيف على من لا سيف معه، ومهما تقدم مما قد علمتموه فقد جعلته دبر أذني، وإن لم تجدوني أقوم بحقكم كله فارضوا مني ببعضه، فإنها ليست بقائبة قوبها، وإن السيل إذا جاء تترى، وإن قل أغثى، وإياكم والفتنة فلا تهموا بها، فإنها تفسد المعيشة وتكدر النعمة وتورث الاستئصال، واستغفروا الله لي ولكم ثم نزل. قال أبو جعفر: القائبة: البيضة. والقوب: الفرخ، يقال: قابت البيضة تقوب إذا انفلقت عن البيضة.
1 / 127