وقال ابن المبارك: إذا اجتمع إسماعيل بن عياش وبقية في حديث فبقية أحب إلي، وقال يحيى بن معين في جوابه لمضر بن محمد الأسدي وسأله عن بقية بن الوليد فقال: ثقة، إذا حدث عن المعروفين، ولكن له مشايخ لا يدرى أمرهم، ثم بعد ما ذكرنا لا يحب الاحتجاج به إذا انفرد بشيء، والله أعلم، وكنيته أبو يحمد، بضم الياء وكسر الميم، كذا قاله بعض الحفاظ، وقيل: أبو يحمد بفتحهما. جبارة بن مغلس بن عبادة بن حنائة بن عقبة بن طارق التميمي الحماني، من أهل الكوفة، عن القاسم بن معن وشريك وكثير بن سليم، مات بالكوفة سنة إحدى وأربعين ومائتين، وكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، أفسده يحيى الحماني حتى بطل الاحتجاج بأحاديثه المستقيمة لما شابها من الأشياء المستفيضة عنه التي لا أصول لها، فخرج بها عن حد التعديل إلى الجرح، (6) -[230] وقال صالح بن محمد جزرة: سألت ابن نمير عن جبارة بن مغلس فقال: ثقة، فقلت له: إنه حدثنا عن ابن المبارك، عن حميد، عن ابن أبي الورد، عن أبيه، قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا أحمر، فقال: " أنت أبو الورد "، فقال ابن نمير: هذا منكر (7) -[240] قال: وقلت: حدثنا عن حماد بن زيد، عن إسحاق بن سويد، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر أن رجلا نادى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " لبيك "، قال: وهذا منكر، ثم قال ابن نمير: حسبك، ثم قال: أظن أن بعض جيرانه أفسد عليه كتبه، فقلت: تعني: يحيى الحماني؟ فقال: لا أسمي أحدا
جدي الإمام أبو جعفر فاخر بن معاذ بن أحمد بن محمد أشهر من أن يعرف، كان في الدين والسنة بمكان، وبلدنا تعرف الشيء بحبه والاقتداء بطريقته وسيرته، وهو إمام لا يدافعه في علم التفسير والحديث والمذهب والنظر، كان يعقد مجلس التذكير والتدريس والإملاء، وكان ذا بيان واستنباط وذا مروءة وسخاء وذا بديهة وخاطر، روى عن ابن أبي سليمان الخطابي، وأبي علي الفقيه، وأبي حاتم أحمد بن الحسن، والحموي وغيرهم، روى عنه أهل سجستان والغرباء ووالدي وعمي، توفي غداة يوم الأحد الحادي عشر من رجب، سنة سبع عشرة وأربع مائة. وأما والدي فهو شيخ سجستان والإمام القائم بين أهلها في الطائفة المنصورة أصحاب الحديث، وكان عقد مجلس التذكير في عهد والده ومجلس الإملاء بعده ..... حافظ الإمام في التذكير وعلم التفسير يروي عن والده وأخويه والأئمة، ورحل إلى هراة مرتين، توفي ليلة الأربعاء والليل قد أربى على النصف السابع عشر من رجب سنة ست وخمسين وأربع مائة، وكنت إذ ذاك ابن أربع عشرة سنة، ودفن في المدينة محلة شيخه مهاجر في حرم المدرسة المنسوبة إليه. أبو الحسن محمد بن محمد بن جمعة بن فور بن الغوث بن يزيد بن دارم بن حاتم بن قبيصة بن المهلب الخطيب المعدل التاجر الأنماطي من أصحاب الرأي، وكان شيخا ثقة جليلا، وقيل: إنه من أصحاب الحديث، ولكن أصحاب الحديث يعدونه من أصحاب الرأي لملاينة كانت فيه، يروي عن أبي بكر محمد بن الليث الجوهري، وجعفر بن أحمد بن نصر الخضيري، وأبي عبد الرحمن محمد بن أحمد الوضاح النهشلي الكوفي، وأبي مسلم الكجي وغيرهم، روى عنه أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن خالد بن يزيد بن شعبة بن عيسى بن مضر المضري السجزي البزاز، وأبو حاتم السمسار، وأبو علي الفقيه، وأبو عمر النوقاني، مات الأنماطي في شهر ربيع الأول، سنة أربع وأربعين وثلاث مائة. بشر بن الوليد أبو الوليد الكندي البغدادي عن أبي يوسف وهشيم، روى عنه حامد بن شعيب البلخي، وهو شيخ ثقة من ثقات تبع الأتباع، مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين. الهيثم بن جميل، أصله من بغداد أبو سهل، سكن أنطاكية، عن مالك، وابن عيينة، وشريك، روى عنه الحسن بن الحسن المروزي، وأهل الثغر يوسف بن سعيد بن مسلم، وغيره، وهو يروي عن كبير بن سليم، وهو ثقة من ثقات تبع الأتباع، مات الهيثم لثلاث عشرة ليلة مضت من ذي القعدة سنة أربع عشرة ومائتين. الحسين بن الحسن بن حرب المروزي أبو عبد الله، سكن مكة، عن ابن المبارك، وهشيم، وابن عيينة، روى عنه إسحاق بن إبراهيم القاضي، وابن صاعد، ومحمد بن معاذ الماليني، مات قبل الخمسين، من سنة ست وأربعين ومائتين، من ثقات تبع الأتباع. أبان بن أبي عياش، من أهل البصرة، كنيته أبو إسماعيل، واسم أبيه فيروز، يحدث عن أنس والحسن، روى عنه الثوري، وسلام بن مسكين، والناس، وكان من العباد المتقشفين والزهاد المتدينين يحيي الليل بالقيام، ويطوي النهار بالصيام، سمع من أنس بن مالك أحاديث ويحضر مجالس الحسن، وكان يسمع كلامه ويحفظه فإذا حدث ربما جعل كلام الحسن الذي سمعه من قوله عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يعلم، ولعله روى عن أنس أكثر من ألف وخمس مائة حديث، ما لكثير منها أصل يرجع إليه. وعن حماد بن زيد، قال: جاءني أبان بن أبي عياش، فقال: أحب إن تكلم شعبة أن يكف عني، قال: فكلمته فكف عنه أياما فأتاني في بعض الليل، فقال: إنك سألتني أن أكف عن أبان، وإنه لا يحل الكف عنه فإنه يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال علي بن مسهر: سمعت أنا وحمزة الزيات من أبان بن أبي عياش ألف حديث فلقيت حمزة، فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فعرضتها عليه فما عرف منه إلا خمسة أحاديث، وقال يزيد بن هارون: سمعت شعبة يقول: لأن أزني أحب إلي من أن أحدث عن أبان بن أبي عياش، وقال أحمد بن زهير، عن يحيى بن معين، قال: أبان بن أبي عياش ليس بشيء. سلمة بن وردان الجندعي أبو يعلى، مولى بني ليث، وهو أخو عبد الرحمن بن وردان، عبد الرحمن سكن مكة وسلمة سكن المدينة، روى عنه الثوري، وابن المبارك، والقعنبي، مات سنة ست وخمسين ومائة، وكان يروي عن أنس أشياء لا تشبه حديثه وعن غيره من الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، كأنه كان كبر وحطمه السن، وكان يأتي بالشيء على التوهم حتى خرج عن حد الاحتجاج به، وقال أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم: سمعت يحيى بن معين يقول: سلمة بن وردان ليس بشيء. عبد الله بن مسلمة بن قعنب أبو عبد الرحمن القعنبي المدني البصري، سكن البصرة إلى أن مات، عن سليمان بن بلال، ومالك، وعمرو بن قيس، وسلمة بن وردان، مات في صفر، سنة إحدى وعشرين ومائتين بالبصرة، وكان من المتقشفة الخشن، وكان لا يحدث إلا بالليل، يقول لأصحاب الحديث: اختلفوا إلى من شئتم فإذا كان الليل ولم يحدثكم إنسان فتعالوا أحدثكم، وربما خرج القعنبي على أصحابه، وليس عليه إلا بارية قد اتشح بها، وقال يحيى بن معين: ما رأيت أحدا يحدث لله عز وجل إلا ستة بعد ابن المبارك، وكيع بن الجراح، وسعيد بن عامر، وأبا داود الحفري، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، والحسين بن علي، وهم كانوا صالحين، وكان يحيى بن معين لا يقدم عليه في مالك أحدا، ولو صح سماع سلمة بن وردان عن أنس لأدخل القعنبي في أتباع التابعين، ولكنه لم يصح سماعه من أنس على الوجه الذي يوجب الاحتجاج به، فلذلك عد في جملة تبع الأتباع، روى عنه أبو خليفة، وعثمان بن سعيد الدارمي، ومحمد بن زكريا القرشي، وكان من المتقنين في الحديث، وله أخوان إسماعيل، ويحيى، ثالثهم بنو مسلمة بن قعنب، وأما إسماعيل، فهو شيخ ثقة عداده أيضا في أتباع التابعين، من أهل المدينة، كنيته أبو بشر، وقيل: أبو محمد، وقال أبو القاسم بن عبد الرحمن السجزي الصيدلاني: والصحيح عندي أنه أبو اليسر بالياء المضمومة المنقوطة باثنتين من تحتها وسين غير معجمة ساكنة، سكن مصر، يروي عن عبد الرحيم بن زيد العمي، روى عنه داهر بن نوح والمصريون، مات سنة سبع ومائتين، وكان من خيار الناس، أصله من المدينة وولد بها، ولكنه دخل مصر وسكن بها إلى أن مات، وأما يحيى فهو يروي عن منكدر بن محمد، روى عنه ربيع بن سليمان الجيزي، وأما مسلمة بن قعنب القعنبي، والدهم فهو شيخ ثقة من أتباع التابعين من أهل المدينة، يروي عن هشام بن عروة، روى عنه أبناؤه عبد الله وإسماعيل وهو مستقيم الحديث جدا. يحيى بن عبد الله أبو سعيد البابلي، من أهل الجزيرة مولى لبني أمية، مات سنة ثمان عشرة ومائتين، كان ينزل حران، يروي عن صفوان بن عمرو، والأوزاعي، والقعنبي، روى عنه أبو سعيد عبد الله بن الحسن الحراني والعراقيون وأهل بلده، كان كثير الخطأ لا يدفع عن السماع، ولكنه يأتي عن الثقات بأشياء معضلات ممن كان يهم فيها حتى ذهب حلاوته عن القلوب لما شاب أحاديثه المناكير، فهو عندي فيما انفرد ساقط الاحتجاج وفيما لم يخالف الثقات معتبر به، وفيما وافق محتج به. أبو عثمان سعيد بن العباس بن محمد القرشي، شيخ فاضل ثقة من شيوخ هراة، يروي عن أبيه، وأبي منصور الأزهري، والدارقطني، وأبي علي الرفاء، روى عنه شيوخ هراة، توفي في المحرم سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة، وكان مولده سنة تسع وأربعين وثلاث مائة.
Shafi 8