.................................................................................................
_________
= أتى الجمعة فاستمع وأنصت؛ غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصا فقد لغا".
قال الحافظ في "الفتح": وأجيب بأنه ليس فيه نفي الغسل، وقد ورد من وجه آخر في "الصحيحين" بلفظ: "من اغتسل"، فيحتمل أن يكون ذكر الوضوء لمن تقدم غسله عن الذهاب، فاحتاج إلى إعادة الوضوء.
٣- حديث ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّهُ سُئل عَنِ غسل يوم الجمعة؛ أواجب هو؟ فقال: لا، ولكنه أطهر لمن اغتسل، ومن لم يغتسل فليس بواجب عليه، وسأخبركم عن بدء الغسل: كان الناس مجهودين يلبسون الصوف ويعملون، وكان مسجدهم ضيقا، فلما آذى بعضهم بعضا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "أَيُّهَا النَّاسُ؛ إِذَا كَانَ هَذَا اليوم فاغتسلوا" قال ابن عباس: ثم جاء الله بالخير ولبسوا غير الصوف، وكفوا العمل، ووسع المسجد".
أخرجه أبو داود والطحاوي، وإسناده حسن كما قال الحافظ، قال: لكن الثابت عن ابن عباس خلافه كما سيأتي، وعلى تقدير الصحة فالمرفوع منه ورد بصيغة الأمر الدالة على الوجوب، وأما نفي الوجوب فهو موقوف؛ لأنه من استنباط ابن عباس، وفيه نظر؛ إذ لا يلزم من زوال السبب زوال المسبب كما في الرمل والحمار على تقدير تسليمه، فلمن قصر الوجوب على من به رائحة كريهة أن يتمسك به.
تنبيه: ليس معنى القول "بأن غسل يوم الجمعة واجب" أن من تركه بطلت صلاته، فهناك من الواجبات ما هو مستقل وليس له ارتباط بغيره.
قال الحافظ في "الفتح" "٢/ ٣٦١": "وقد قال الشافعي في "الرسالة" بعد أن أورد حديثي ابن عمر وأبي سعيد: احتمل قوله: "واجب" معنيين، الظاهر منهما: أنه واجب، فلا تجزئ الطهارة لصلاة الجمعة إلا بالغسل، واحتمل أنه واجب في الاختيار وكرم الأخلاق والنظافة، ثم استدل للاحتمال الثاني بقصة عثمان مع عمر التي تقدمت، قال: فلما لم يترك عثمان الصلاة للغسل ولم يأمره عمر بالخروج للغسل، دل ذلك على أنهما قد علما أن الأمر بالغسل للاختيار. ا. هـ.
وعلى هذا الجواب عوّل أكثر المصنفين في هذه المسألة، كابن خزيمة والطبري والطحاوي وابن حبان وابن عبد البر، وهلم جرا، وزاد بعضهم فيه: أن من حضر من الصحابة وافقوهما على ذلك، فكان إجماعا منهم على أن الغسل ليس شرطا في صحة الصلاة وهو استدلال قوي، وقد نقل الخطابي وغيره الإجماع على أن صلاة الجمعة بدون الغسل مجزئة.
1 / 59