فتولد من مزجهم كلام النبوة وكلام الصوفية بكتبهم آفتان: آفة في حق القابل، وآفة في حق الراد.
١ - أما الآفة التي في حق الراد فعظيمة: إذ ظنت طائفة من الضعفاء أن ذلك الكلام إذا كان مدونًا في كتبهم، وممزوجًا بباطلهم، ينبغي أن يهجر ولا يذكر بل ينكر على كل من يذكره إذ لم يسمعوه أولًا منهم، فسبق إلى عقولهم الضعيفة أنه باطل، لأن قائله مبطل، كالذي يسمع من النصراني قوله: " لا إله إلا الله، عيسى رسول الله " فينكره ويقول: " هذا كلام النصارى "، ولا يتوقف ربما يتأمل أن النصراني كافر باعتبار هذا القول، أو باعتبار إنكاره نبوة محمد ﵊. فإن لم يكن كافرًا إلا باعتبار إنكاره، ينبغي أن يخالف في غير ما هو به كافر مما هو حق في نفسه، وإن كان أيضًا حقًا عنده. وهذه عادة ضعفاء العقول، يعرفون الحق بالرجال، لا الرجال بالحق. والعاقل يقتدي بقول أمير المؤمنين " علي بن أبي طالب " ﵁، حيث قال: لا تعرف الحق بالرجال بل اعرف الحق تعرف أهله،
1 / 152