وأخيرا نعود إلى بطرك عين كفاع، فبصفتي المزيفة هذه إني أباركك كما بارك البطرك إلياس صحيفة كانت تهاجمه بلا هوادة. مر من أمام مركز إدارتها فرفع يده وبارك، فسأله نائبه البطريركي المرافق له في العربة: من باركت يا سيدنا؟
فأجابه: الجريدة التي مررنا من قدام بابها؛ عملا بقول السيد: باركوا لاعنيكم.
وتقول في رسالتك التي لم تنشر كلها: أليس لقداسة البابا أن يأخذ ما أعطى؟
وأنا أجيبك: لا، للبابا الحق في أن يحط البطرك الماروني عن رتبته، ويعيده أسقفا إذا أذنب، وقد جرى ذلك مرة في تاريخنا، ولكن ليس له أن يحرم الموارنة حق انتخاب رئيسهم، فملكات الجمال تنتخب اليوم ...
أما بطريركنا الجديد فقد أعربت عن رأيي فيه، ولا حاجة إلى التكرار، وليتني أعرفك لأبدي رأيي فيك، لقد تم الآن كل شيء، وما حملت السلم بالعرض إلا لأنوب عن الطائفة الساكتة؛ لئلا يقال غدا: لم يرتفع صوت في لبنان ممن يدعون أنهم أحفاد المردة.
المعضلة المارونية الرومانية: «حديث الرهبانية»
المعضلة المارونية الرومانية يظهر لها كل يوم ذنب جديد، ولعل الفاتيكان - وهو الباب العالي في هذا الزمان - يعمل بمثلنا القائل: «مص القصب عقدة وعقدة.» فما إن فرغ من دفن المجمع اللبناني بواسطة اللجنة الرسولية حتى عاد اليوم إلى الرهبانية - وهي علة علل استقلال الطائفة المارونية - فوضعوا في رجليها القيد. وهذا أقل ما تستحق جزاء عقوقها لأبي الطائفة وحبرها الأعظم.
في 17 / 1 / 1938م كتبت مقالا عنوانه: «هؤلاء رهبانك يا مار مارون»، حين أذاع مراسل البيرق الباريسي نبأ موت المجمع اللبناني؛ دستور الطائفة المارونية.
كان عنوان مقال البيرق: «انتداب فوق انتداب». أما اليوم فقد مضينا من الانتداب إلى الاحتلال فزوال الاستقلال، والعوض بالله.
لم يبق لهذه الملة المناضلة أقل سمة تعرف بها، ولا علامة فارقة في بطاقة هويتها، فقد امحت شرقيتها، وطمست معالم استقلالها.
Shafi da ba'a sani ba